بإخوانهم خيرا كما كانوا يظنّون بأنفسهم. أي : لو كانوا مكان صفوان ما كان منهم إلّا خير. أي : فليظنّ المسلم بأخيه ما يظنّ بنفسه. فهذا عظة وأدب للمؤمنين قائمان إلى يوم القيامة ، إن اتّعظوا بعظة الله ، وتأدّبوا بأدب الله الذي أمرهم به ، وتقدّم إليهم فيه (١).
قال : (وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) (١٢) : أي كذب بيّن. أي : هلّا ظنّوا بأنفسهم خيرا ، وهلّا قالوا : هذا إفك مبين ، أي : ما خاض فيه القوم.
ثمّ قال : (لَوْ لا) : أي هلّا (جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) : أي إن كانوا صادقين ، وليسوا بصادقين. (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ). (١٣) قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) : فضل الله الإسلام ، ورحمته القرآن.
(لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٤) في الدنيا والآخرة. والإفاضة فيه ما كان يلقى الرجل أخاه (٢) فيقول : أما بلغك من أمر عائشة وصفوان؟.
قوله : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) : أي يرويه بعضكم عن بعض (٣) (وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ) (١٥).
ذكروا عن الحسن أنّه قال : القذف قذفان : أحدهما أن تقول : إنّ فلانة زانية ، فهذا فيه الحدّ. والآخر أن تقول : قال الناس : إنّ فلانة زانية ، فليس في هذا حدّ (٤). قوله : (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا) : [أي لا ينبغي لنا] (٥) (أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) (١٦) : أي كذب عظيم. وإذا عظّم الله شيئا فهو عظيم.
__________________
(١) هذه الجمل الأخيرة في النصيحة والإرشاد من زيادات الشيخ الهوّاريّ ، وهي غير واردة في سع ولا في ز.
(٢) كذا في ب ، وفي ع وفي سع ورقة ٥١ و : «يلقى الرجل الرجل».
(٣) قال أبو عبيدة : «مجازه : تقبلونه ويأخذه بعضكم عن بعض ...». وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٤٨ : «وقرأت عائشة (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ) وهو الولق ، أي : تردّدونه. والولق في السير والولق في الكذب بمنزلته : إذا استمرّ في السير والكذب فقد ولق».
(٤) نسب هذا القول في ب وع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم هكذا : «ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...» على اضطراب ونقص في ألفاظه في ع ، ونسب في سع ورقة ٥١ وإلى الحسن. وظاهر لفظه يؤيّد ما جاء في سع من أنّه من كلام الحسن وليس من كلام النبيّ عليهالسلام.
(٥) زيادة من سع ورقة ٥١ و.