[قال بعضهم] (١) : وكان من كان يومئذ بمكّة من المسلمين قد وضع عنهم القتال. فهو قوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) أي أذن لهم بالقتال بعدما أخرجهم المشركون وشرّدوا حتّى لحق طوائف منهم بالحبشة.
قال الله : (وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (٣٩) (٢).
قوله : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) : يقول : لّما قال المسلمون : لا إله إلّا الله أنكرها المشركون وضاق بها إبليس وجنوده.
قال الحسن : والله ما سفكوا لهم من دم ، ولا أخذوا لهم من مال ، ولا قطعوا لهم من رحم ، وإنّما أخرجوهم لأنّهم قالوا : ربّنا الله. كقوله : (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (٨) [البروج : ٨].
قوله : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) : أي يدفع عن المؤمنين بدينهم ، ويدفع عن الكافرين بالمؤمنين. وقال بعضهم : يبتلي المؤمن بالكافر ، ويعافي الكافر بالمؤمن (٣).
قوله : (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) : قال مجاهد : صوامع الرهبان ، وقال بعضهم : الصوامع للصابئين ، قوله : (وَبِيَعٌ) : أي وكنائس النصارى ، (وَصَلَواتٌ) : أي صلوات اليهود ، أي : كنائسهم. (وَمَساجِدُ) : يعني مساجد المسلمين (يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً) : يعني في المساجد.
قوله : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) : أي ولينصرنّ الله من ينصر دينه ، يعني النصر في الدنيا ، والحجّة في الآخرة. (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (٤٠) : أي قويّ في سلطانه ، عزيز في نقمته.
__________________
(١) زيادة لا بدّ منها ؛ لأنّ هذه الفقرة من رواية يحيى بن سلّام لكلام قتادة ، كما جاء في سع ورقة ٤٢ و.
(٢) سقطت هذه الجملة من كلّ المخطوطات ، ومن سع أيض ا. وكأنّ الناسخ الأوّل لم يثبتها سهوا فتبعه من جاء بعده. وجاء في ز ورقة ٢٢٣ قول لقتادة في تفسير هذه الآية آخره : «وقيل : إنّها أوّل آية نزلت في القتال». وانظر تفسير الطبريّ ، ج ١٧ ص ١٧٣.
(٣) انظر اختلاف المفسّرين في هذه الآية ، في تأويل دفع الله الناس ، وفي معنى الصوامع والبيع والصلوات في تفسير الطبريّ ، ج ١٧ ص ١٧٤ ـ ١٧٨. وقد رجّح الطبريّ أخيرا ما جاء في هذا التفسير تقريبا.