ذكروا عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم نحر من بدنه بيده ثلاثا وستّين ، ثمّ أعطى عليّا الحربة فنحر ما بقي.
ذكروا عن ابن عمر أنّه كان إذا أراد أن ينحرها استقبل بها القبلة ونزع عنها جلالها ؛ لكي لا تخضب بالدم ، وكان يحبّ أن يلي نحرها بنفسه.
قوله : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) : أي إذا نحرت فسقطت جنوبها على الأرض من قيام أو بروك.
ذكروا عن القاسم بن محمّد (١) أنّه كان إذا أراد أن ينحرها يصفّ بين أيديها وهي قائمة ، ويمسك رجل بخطامها ورجل بذنبها ، ثمّ يطعنها بالحربة ، ثمّ يجبذانها حتّى يصرعاها ، وكان يكره أن تعرقب.
قوله : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) : قال بعضهم : القانع : القاعد في بيته لا يسأل الناس ، والمعترّ الذي يتعرّض لك يسألك ؛ ولكلّ عليك حقّ. وقال مجاهد : القانع : السائل الذي يقنع بما أعطى ، والمعترّ : القاعد في بيته لم يشعر بما اعتراه (٢). وقد فسّرنا إطعامهم في الآية الأولى (٣).
قوله : (كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٣٦) : أي لكي تشكروا.
قوله : (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها) : وقد كان المشركون يذبحون لأصنامهم ، ثمّ ينضحون دماءها حول البيت.
قال : (وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) : يعني من آمن بالله. (كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ:) أي الأنعام (لِتُكَبِّرُوا اللهَ) : أي لتعظّموا الله (عَلى ما هَداكُمْ) وقال في الآية الأخرى :
__________________
(١) هو أبو محمّد أو أبو عبد الرحمن القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصدّيق المدنيّ. قال عنه يحيى بن سعيد : ما أدركنا بالمدينة أحدا نفضّله على القاسم. قيل : توفّي سنة إحدى أو اثنتين ومائة ، وقيل : بعد ذلك.
(٢) في ع : «لم يشعر باعتراه». وفي سع ورقة ٤١ ظ : «لم يشعر به اعتراه» ؛ وصواب العبارة ما أثبتّه : «لم يشعر بما اعتراه» ، أي لا يعلم حاله وما ينتابه من فقر.
(٣) انظر ما مضى قريبا في هذا الجزء ، تفسير الآية ٢٨ من هذه السورة.