سيّدي ومولاي! على طول معصيتي لك أقصدني إليك ، وإن كانت سبقتني الذّنوب ، وحالت بيني وبينك ؛ لأنّك عماد المعتمد ، ورصد المرتصد ، لا تنقصك المواهب ، ولا تغيظك المطالب ، فلك المنن العظام ، والنّعم الجسام.
يا من لا تنقص خزائنه! ولا يبيد ملكه ، ولا تراه العيون ، ولا تعزب منه حركة ولا سكون ، لم تزل سيّدي ولا تزال ، لا يتوارى عنك متوار في كنين أرض ولا سماء ولا تخوم ، تكفّلت بالأرزاق يا رزّاق ، وتقدّست عن أن تتناولك الصّفات ، وتعزّزت عن أن تحيط بك تصاريف اللّغات ، ولم تكن مستحدثا فتوجد متنقّلا عن حالة إلى حالة ، بل أنت الفرد الأوّل والآخر ، وذو العزّ القاهر ، جزيل العطاء ، سابغ النّعماء ، أحقّ من تجاوز وعفا عمّن ظلم وأساء بكلّ لسان.
إلهي تهجّد ، وفي الشّدائد عليك يعتمد ، فلك الحمد والمجد لأنّك المالك الأبد ، والرّبّ السّرمد ، أتقنت إنشاء البرايا فأحكمتها بلطف التّدبير والتّقدير ، وتعاليت في ارتفاع شأنك عن أن ينفذ فيك حكم التّغيير ، أو يحتال منك بحال يصفك به الملحد إلى تبديل ، أو يوجد في الزّيادة والنّقصان مساغ في اختلاف التّحويل ، أو تلتثق سحائب الإحاطة بك في بحور همم الأحلام ، أو تمتثل لك منها جبلّة تضلّ فيها رويّات الأوهام ، فلك الحمد مولاي! انقاد الخلق مستخذئين بإقرار الرّبوبيّة ، ومعترفين خاضعين لك بالعبوديّة ...
وحفل بداية هذا المقطع بالتذلّل وإظهار العبودية المطلقة لله تعالى ، وبيان عظمة قدرته ، وجليل مواهبه وعطاياه وتكفّله بأرزاق عباده صالحهم وطالحهم ، كما عرض إلى عظيم شأن الله تعالى ، وأنّه لا يحيط بكنهه وصف الواصفين