كان الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام مولعا بالدعاء ، والابتهال إلى الله في جميع أوقاته ، فكان يلهج بذكره في آناء الليل وأدبار النهار ، في حلّه وترحاله ، وفي ساحات الحروب ، ويذكر بمزيد من التذلّل والخضوع عظيم قدرته ، وعجيب مخلوقاته ، وبديع صنعه ، ورحمته على عباده ، وقد أثر عنه من الأدعية ما لا يحصى.
وقبل الخوض في ذكر بعض أدعية الإمام عليهالسلام نعرض إلى بعض أحاديثه التي أدلى بها عن فوائد الدعاء ، ومدى أهميّته ، وغير ذلك ممّا يرتبط بالموضوع.
وحفل الدعاء إلى الله تعالى بطاقات مشرقة من الفوائد ، وقد أدلى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ببعضها قال :
« جعل ـ أي الله ـ في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته ، فمتى شئت استفتحت بالدّعاء أبواب نعمته ، واستمطرت شابيب رحمته ، يقنّطنّك إبطاء إجابته ، فإنّ العطيّة على قدر النّيّة ، وربّما اخّرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السّائل ، وأجزل لعطاء الآمل ، وربّما سألت الشّيء فلا تؤتاه ، وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا ، أو صرف عنك لما هو خير لك ، فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته. رحب واديك ، وعزّ ناديك ، ولا ألمّ بك ألم ، ولا طاف بك عدم » (١).
__________________
(١) ربيع الأبرار ٢ : ٢١٨ ـ ٢١٩.