قوله : (وَلا تَفَرَّقُوا) ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : افترقت بنو إسرائيل على سبعين فرقة واحدة في الجنّة وسائرهم في النار ، ولتفترقنّ هذه الأمّة على إحدى وسبعين فرقة واحدة في الجنّة وسائرهم في النار (١).
قال : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) : أى احفظوا واشكروا نعمة الله عليكم (إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) : بالإيمان ، إذ كانت العرب يقتل بعضهم بعضا ويسبي بعضهم بعضا. (فَأَصْبَحْتُمْ) : أى فصرتم (بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) : بالإسلام (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٠٣) : أى لكي تهتدوا.
ذكر بعضهم قال : كنتم تذابحون فيها ؛ يأكل شديدكم ضعيفكم ، حتّى جاء الله بالإسلام ، فآخى به بينكم ، وألّف به بينكم.
ذكر لنا أنّ ابن مسعود قيل له : كيف أصبحتم؟. قال أصبحنا بنعمة الله إخوانا.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أتيتكم وأنتم تهافتون في النار ، فأخذت بحجزكم فأخرجتكم منها (٢).
وقال الحسن : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) أى : من مات مات إلى النار ، ومن كان حيّا كان على ضلالة وشفا ، فأنقذكم منها برسوله وبكتابه.
قوله : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) : أى بتوحيد الله وطاعته. (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) : أى عن الشرك بالله ومعصيته (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٠٤) : أى السعداء. ذكروا أنّ عمر بن الخطّاب قال في حجّة حجّها ورأى من
__________________
(١) وردت أحاديث صحيحة في افتراق أمّة الإسلام ، منها ما رواه ابن ماجه في كتاب الفتن عن أنس بن مالك (٣٩٩٣) وفي آخره : «وإنّ أمّتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة كلّها في النار إلّا واحدة وهي الجماعة».
(٢) أخرج البخاري في باب الانتهاء عن المعاصي عن أبي هريرة هذا الحديث بلفظ : «إنّما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلمّا أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدّوابّ التي تقع في النار يقعن فيها ، فجعل ينزعهنّ ويغلبنه فيقتحّمن فيها ، فأنا آخذ بحجزكم عن النار وهم يقتحمون فيها». وأخرجه مسلم في الفضائل ، باب شفقته صلىاللهعليهوسلم على أمّته ... (٢٢٨٤) عن أبي هريرة.