تفسير سورة النساء ، وهي مدنيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) : يعني آدم (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) : أى حوّاء من ضلع من أضلاعه القصيرى (١) ، من جنبه الأيسر وهو نائم.
قال مجاهد : فاستيقظ فقال : أثا أثتى ، أى : امرأة امرأتي. أثا بالسريانية. أشا اشتي ، أى : امرأة ، امرأتي ، إلّا أنّه بالتاء عبرانيّ ، وبالشين سريانيّ. وإثا : تعالى. ذكر الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ المرأة خلقت من ضلع (٢) ، وإنّك إن ترد إقامتها تكسرها ، فدارها تعش بها (٣).
ذكر أبو هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ المرأة خلقت من ضلع ، لا تستقيم على خلقة واحدة ، إنّما هي كالضلع ، فإن أقمتها كسرتها ، وإن تركتها ، استمتعت بها على عوجها (٤).
__________________
(١) وردت الكلمة في المخطوطات ق ، وع ، ود ، بالألف الممدودة ، وصوابها : «القصيرى» ، بالتصغير والألف المقصورة ، ويقال أيضا : القصري ، بدون تصغير ، وهي الضّلع التي تلي الشاكلة بين الجنب والبطن ، وقيل : هي آخر ضلع في الجنب. انظر اللسان : (ضلع.) وفي تفسير مجاهد ، ص ١٤٣ : «خلق حوّاء من قصيرى آدم ...».
(٢) الضلع : بكسر الضاد وفتح اللام ، وقد تسكّن اللام. والكلمة مؤنّثة. وقد أورد صاحب اللسان بيتا لحاجب بن ذبيان كشاهد على فتح اللام فقال :
بني الضّلع العوجاء أنت تقيمها |
|
ألا إنّ تقويم الضلوع انكسارها. |
ثمّ أورد بيتا لابن مفرّغ كشاهد على سكون اللام فقال :
ورمقتها فوجدتها |
|
كالضّلع ليس لها استقامه. |
(٣) أخرج البخاري في كتاب النكاح ، باب المداراة مع النساء ، وباب الوصاة بالنساء حديثين عن أبي هريرة.
وجاء في الأخير منهما : «... واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنّهنّ خلقن من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ...».
(٤) أخرجه البخاري ومسلم ؛ أخرجه مسلم في كتاب الرضاع ، باب الوصيّة بالنساء (١٤٦٨) عن أبي هريرة جاء فيه : «... لن تستقيم لك على طريقة ، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج ، وإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وكسرها طلاقها».