قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) : أى من لم يؤمن منهم (يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ) : أى كتابه (وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ) : [أي يستمسك بدين الله] (١) (فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٠١) : أى إلى الجنّة.
قال الحسن : اعتصامه بالله اعتصامه بحبله ، وهو القرآن.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه يوما : أى الخلق أعجب إيمانا؟ قالوا : الملائكة. قال : الملائكة في السماء ، فما لهم لا يؤمنون! أى الخلق أعجب إيمانا؟ قالوا : النبيّون قال : النبيّون ينزل عليهم الوحي ، فما لهم لا يؤمنون!. أى الخلق أعجب إيمانا قالوا : أصحابك. قال : أصحابي يرونني ويسمعون كلامي فما لهم لا يؤمنون!. أعجب الخلق إيمانا قوم يأتون من بعدكم يجدون كتابا في رقّ فيؤمنون به (٢).
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٠٢) : ذكروا عن عبد الله بن مسعود قال : حقّ تقاته أن يطاع فلا يعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ، وأن يشكر فلا يكفر.
[قال قتادة : نزلت هذه الآية فثقلت عليهم ، ثمّ أنزل الله اليسر والتخفيف فقال] (٣) : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) [التّغابن : ١٦] ، وعليها بايع رسول الله على السمع والطّاعة فيما استطاعوا.
قوله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) : قال الحسن : إنّما قال : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) لأنّه حبل نزل من السماء هبط عليهم ، وهو القرآن (٤). قال عليّ بن أبي طالب : حبل الله القرآن.
__________________
(١) زيادة من ز ورقة ٤٩.
(٢) انظر ما سلف من هذا الجزء ، مقدّمة المؤلّف. وانظر تفسير القرطبي ، ج ٤ ص ١٧١ ، ١٧٣.
(٣) زيادة من ز ورقة ٤٩.
(٤) يؤيّد هذا ما رواه أحمد والترمذيّ عن أبي سعيد الخدريّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض».