البقرة؟ (١).
قوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) : أى إلّا طاقتها. وهذا في حديث النفس. (لَها ما كَسَبَتْ) : أى من خير (وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) : أى من شرّ.
قوله : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا) : هذا فيما يتخوّف فيه العبد المأثم ، أن ينسى أن يعمل بما أمر به ، أو ينسى فيعمل بما نهي عنه.
(أَوْ أَخْطَأْنا) : هذا فيما يتخوّف فيه العبد المأثم ، أن يخطئ فيكون منه أمر يخاف فيه المأثم لم يتعمّده ، فوضع الله ذلك عنه ، كقوله : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) [البقرة : ٢٢٥] أى : ما تعمّدت فيه المأثم.
قوله : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) : يعني ما كان شدّد به على بني إسرائيل ، والإصر العهد ، فيما كانوا نهوا عنه. وهذا دعاء أمر الله المؤمنين أن يدعوا به. وقد وضع الله عن المؤمنين ما كان شدّده على بني إسرائيل ؛ فقال : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) أى يجدونه مكتوبا عند أهل الكتاب في كتابهم (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٥٧) [الأعراف : ١٥٧] وقال : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ) [الأنعام : ١٥٥] أى : اتّبعوا ما أحلّ فيه (وَاتَّقُوا) أى ما حرّم فيه. وكان من ذلك الإصر ما حرّم عليهم من الشحوم ، وكلّ ذي ظفر ، وأمر السبت ، وكلّ ما عهد إليهم ألّا يفعلوه ممّا أحلّ لنا.
قوله : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) : وهو الوسوسة في تفسير ابن عبّاس.
ذكروا عن الحسن أنّ رجلا قال : يا رسول الله ، إنّي لأحدّث نفسي بالشيء ما يسرّني أنّي تكلّمت به وأنّ لي الدنيا. قال : ذلك محض الإيمان (٢).
__________________
(١) روى الإمام أحمد عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعطهنّ نبيّ قبلي».
(٢) أخرج مسلم في كتاب الإيمان ، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها (١٣٢) عن أبي هريرة ـ