وقال الكلبيّ : كانوا أمّة واحدة في زمان نوح الذين ركبوا معه في السفينة وأبناؤهم فاختلفوا بعد.
قوله : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) : أى : حسدا بينهم ؛ فكان في الناس مسلمون فيما بين نوح إلى صالح ، ثمّ اختلفوا ، فولد إبراهيم في جاهليّة ؛ فكان إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ويوسف وموسى وهم النبيّون الذين بشّروا وأنذروا. قال : (وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) قال بعض المفسّرين : بلغنا أنّ أوّل كتاب أنزل فيه الحلال والحرام التوراة ، كتاب موسى. قال : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) أى : حسدا بينهم (١).
قوله : (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ) [أي بأمره] (٢). ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : نحن الآخرون ونحن السابقون ؛ وذلك أنّهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم. ثمّ هذا يومهم الذي عرض عليهم ، يعني يوم الجمعة ، فاختلفوا فيه ، فهدانا الله له. فاليوم لنا ، وغدا لليهود ، وبعد غد للنصارى (٣).
قوله : (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢١٣) : أى : إلى الجنّة ، والطريق : الإيمان.
قوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) : أى سنن الذين مضوا من قبلكم. (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) : البأساء : البؤس ، وهو الحاجة ، والضرّاء : المرض والجراح. وقال بعضهم : الضرّاء : الشدّة والبلاء. (وَزُلْزِلُوا) : أى أصابتهم
__________________
ـ ويبدو أنّ هذا سهو من ناسخ تبعه فيه الذين نقلوا عنه بعد.
(١) كذا في المخطوطات الثلاث ، وفي ز : «أي : حسدا منهم» ، وفيه بعد. وأولى منه بالصواب وأحسن تأويلا ما أورده الطبريّ من أنّ معناه : الطغيان والاعتداء ومجاوزة الحدّ. انظر تفسير الطبري ج ٤ ص ٢٨١.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٢٨.
(٣) حديث متّفق على صحّته. أخرجه البخاري في كتاب الجمعة في أبواب ، منها : باب فرض الجمعة. وأخرجه مسلم في كتاب الجمعة ، باب هداية هذه الأمّة ليوم الجمعة ، عن أبي هريرة (رقم ٨٥٥).