القرآن.
وذكر بعضهم قال : قيل لابن عبّاس : إنّهم يروون عنك أنّك تقول : من طاف البيت فقد حلّ. فقال : تلك سنّة نبيّكم وإن رغمتم.
ذكر عطاء عن جابر بن عبد الله أنّه قال : قدمنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم صباح أربعة مضين من ذي الحجّة مهلّين بالحجّ ، فلمّا طفنا بالبيت ، وصلّينا الركعتين ، وسعينا بين الصفا والمروة ، أمرنا فقال : قصّروا فقصّرنا. ثمّ قال : أحلّوا ، فقلنا : يا رسول الله ، نحلّ ممّاذا؟ قال : حل ما يحلّ الحلال ؛ من النساء والطيب. ثمّ قال : فغشيت النساء ، وسطعت المجامر. وبلغنا أنّ بعضهم يقول : ينطلق أحدنا إلى منى وذكره يقطر منيّا. فخطبهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولو لم أسق الهدي لحللت : ألا فخذوا عنّي مناسككم (١).
قال : فلمّا كان يوم التروية أهللنا بالحجّ من البطحاء ، فكان الهدي على من وجد ، والصيام على من لم يجد. وأشرك بينهم في الهدي البعير عن سبعة ، والبقرة عن سبعة. قال : وكان عطاء يقول : كان طوافهم طوافا واحدا ، وسعيهم سعيا واحدا لحجّهم ولعمرتهم.
ذكروا عن أنس بن مالك خادم النبيّ عليهالسلام أنّه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : لبّيك بالعمرة والحجّ جميعا (٢).
ذكر عمرو عن مجاهد قال : أهل الضبي بن معبد بالعمرة والحجّ ، فمرّ على سليمان بن ربيعة وزيد بن صوحان وهو يلبّي بهما ، فقالا : لهذا أضلّ أو أقلّ عقلا من جمل أهله. فلمّا قدم على عمر
__________________
(١) حديث جابر بن عبد الله في حجّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم رواه أصحاب السنن كلّهم ، رواه البخاري في كتاب الحجّ ، باب التمتّع والإقران والإفراد بالحجّ ... ورواه مسلم في كتاب الحجّ في باب وجوه الإحرام ... (١٢١٣).
(٢) اختلف رواة الحديث وقبلهم الصحابة اختلافا كثيرا في إهلال الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فروى أنس بن مالك أنّه أهلّ عليهالسلام بالعمرة والحجّ معا ، وهو ما ذهب إليه ابن عبّاس وعليّ. وذهب غيرهم أمثال عائشة وابن عمر وآخرون إلى أنّه عليهالسلام كان مفردا بالحجّ. والخبر التالي يبيّن لنا مدى اختلافهم هذا. «عن مروان ابن الحكم قال : شهدت عليّا وعثمان بين مكّة والمدينة وعثمان ينهى عن المتعة ، وأن يجمع بينهما. فلمّا رأى ذلك عليّ أهلّ بهما ، فقال : لبّيك بعمرة وحجّ معا. فقال عثمان : تراني أنهى الناس وأنت تفعله. فقال عليّ : لم أكن أدع سنّة رسول اللهصلىاللهعليهوسلم لقول أحد من الناس».