ومن البقر اثنين. وذكروا عن ابن عمر أنّه قال : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) من الإبل والبقر.
قوله : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) : ذكروا عن عطاء أنّه قال : كلّ هدي دخل الحرم ثمّ عطب فقد بلغ محلّه إلّا هدي المتعة [والمحصر] (١) فإنّه لا بدّ له أن يهريق دما يوم النحر.
قوله : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) : ذكر مجاهد قال : حدّثني عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة (٢) أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرّ به عام الحديبيّة وهو محرم ، وهو يوقد تحت قدر له. فنكس رأسه ، فإذا الهوام تجول في رأسه ، وتنتثر على وجهه ولحيته ، فقال : أتؤذيك هوام رأسك يا كعب؟ قال : نعم. فسكت النبيّ صلىاللهعليهوسلم فنزلت هذه الآية ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : احلقه وصم ثلاثة أيّام أو أطعم فرقا بين ستّة ، أو اهد شاة (٣). قال : والفرق ثلاثة أصواع ، كلّ صاع بين اثنين.
قوله : (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) : يقول : من أهلّ بعمرة في أشهر الحجّ ، في شوّال ، أو في ذي القعدة ، أو في ذي الحجّة ثمّ حجّ من عامه فهو متمتّع عليه ما استيسر من الهدي. فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله.
قال عمران بن حصين (٤) صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : تمتّعنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونزل فيها
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة : ٢٦.
(٢) هو أبو محمّد كعب بن عجرة بن أميّة بن عديّ البلويّ ، ثم السواريّ ، حليف للأنصار. وقال الواقدي : ليس حليفا للأنصار ولكنّه من أنفسهم. نزل الكوفة زمنا وتوفّي بالمدينة سنة إحدى وخمسين أو اثنتين وخمسين للهجرة. روى عنه أهل الكوفة وأهل المدينة معا. أورد له الذهبيّ في سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٥ ترجمة مختصرة.
(٣) حديث كعب هذا متّفق عليه. رواه البخاري في كتاب التفسير ، من سورة البقرة ، ورواه مسلم في كتاب الحجّ ، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى (١٢٠١) عن كعب بن عجرة ؛ وأخرجه الربيع بن حبيب في كتاب الحجّ (٤٣٢) عن ابن عبّاس.
(٤) هو عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي الكعبي ، من فضلاء الصحابة وفقهائهم. سكن البصرة وتوفّي بها سنة ثنتين وخمسين للهجرة. قال عنه محمّد بن سيرين : أفضل من نزل البصرة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمران بن حصين وأبو بكرة. مترجم في أغلب كتب التراجم. انظر مثلا ابن عبد البرّ ، الاستيعاب ، ج ٣ ص ١٢٠٨ ، والذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج ٢ ص ٣٦٣ ـ ٣٦٦.