عبّاس أنّه قال : العمرة واجبة كوجوب الحجّ ، وهي الحجّ الأصغر. والعامّة مجمعون على أنّ الحجّ والعمرة فريضتان ما خلا عبد الله بن مسعود ، فإنّه كان يقول : الحجّ فريضة والعمرة تطوّع (١) فيقرأ على هذا التفسير بنصب الحجّ وبرفع العمرة ؛ يقول : والعمرة لله. وتقرأ العامّة على حديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم كليهما بالنصب ، وهو العدل المأخوذ به.
قوله : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ) : أى : إلى عرفات ، والعمرة إلى البيت. ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : الحجّ عرفات ، والعمرة الطواف.
قوله : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) : [الإحصار أن يعرض للرجل ما يحول بينه وبين الحجّ من مرض أو عدوّ] (٢). إذا أهلّ بالحجّ ثمّ أحصر ـ حبسه مرض ، أو ضلّت راحلته وكلّ ما حبسه ـ أقام محرما وبعث بهدي ؛ فإذا نحر يوم النحر حلّ من كلّ شيء إلّا النساء والطيب. فإن احتاج إلى شيء قبل أن ينحر الهدي الذي بعث به ممّا لا يفعله المحرم ، من دواء فيه طيب ، أو حلق رأس ، أو لبس ثوب لا يلبسه المحرم ، أو شيء لا يصلح للمحرم ، فعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك. فإذا برأ ، وهو قوله : (فَإِذا أَمِنْتُمْ) فمضى إلى البيت وكان حاجّا فجعلها عمرة ، ثمّ حجّ من قابل ، فعليه هدي آخر ، لأنّه قد تمتّع بالعمرة إلى الحجّ. وإن رجع إلى بلده ، أو أقام مكانه ، أقام على إحرامه ، كافّا عن النساء والطيب ، ثمّ حجّ ، فليس عليه هدي ؛ ووقت نحر هديه يوم النحر إذا كان حاجّا.
وإذا كان معتمرا وقّت للذي يبعث الهدي معه : يشتري يوم كذا وكذا ، ويقدم يوم كذا وكذا ، وينحر يوم كذا وكذا ؛ فإذا جاوز الحدّ حلّ له كلّ شيء إلّا النساء والطيب ، حتّى يطوف بالبيت متى طاف ، فيقضي عمرته. ويستحبّ له أن ينتظر بعد اليوم الذي وقّت أن ينحر الهدي فيه بيوم أو يومين مخافة ما يحدث.
ذكروا في قول الله : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) قالوا : شاة. وذكر مجاهد عن ابن عبّاس أنّه قال : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) من الأزواج الثمانية ، من الضأن اثنين ، ومن المعز اثنين ، ومن الإبل اثنين ،
__________________
(١) انظر محمّد رواس قلعه جي ، موسوعة فقه عبد الله بن مسعود ص ٤٧٢ ، وانظر ابن قدامة ، المغني ج ٣ ص ١٧٣ ، وانظر ما سلف في هذا التفسير ، تفسير الآية ١٥٨ فما بعدها ، (التعليق.)
(٢) هذا التعريف للإحصار زيادة من ز ، ورقة ٢٦.