قال : كان الرجل يذنب فيلقي بيده فيقول : لا يغفر الله لي ، فلا يجاهد ، ولا يعمل ، ولا ينفق في سبيل الله.
ذكروا عن أبي صالح عن ابن عبّاس أنّه قال : تمتّع في سبيل الله ولو بسهم. وذكر بعضهم أنّه قال : أعطاهم الله رزقا ومالا فكانوا يسافرون ويغزون ولا ينفقون أموالهم ، فأمرهم الله أن ينفقوا في سبيل الله.
قال مجاهد : لا يمنعنّكم نفقة في حقّ خيفة القتل (١).
وكان الحسن يفسّر : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) يقول : إنّ ترككم الإنفاق في سبيل الله إلقاء منكم بأيديكم إلى التهلكة. والتهلكة : ما أهلككم عند الله. وهذا حقيقة التأويل. وذكروا عن حذيفة أنّه قال : هي في [ترك] (٢) النفقة. وذكروا عن الحسن أنّه قال : لم يقبض رسول الله حتّى صار الجهاد تطوّعا.
قوله : (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١٩٥) : أى : وأحسنوا في نفقاتكم وما افترض الله عليكم. وقال بعضهم : أمرهم أن ينفقوا في سبيل الله وأن يحسنوا فيما رزقهم الله.
قوله : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) : قال بعض المفسّرين : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّما هي حجّ وعمرة ، فمن قضاهما فقد قضى الفريضة أو قضى ما عليه ، فما أصاب بعد ذلك فهو تطوّع (٣).
ذكروا عن مسروق أنّه قال : أمرتم في القرآن بإقامة أربع : الصلاة والزكاة والحجّ والعمرة. وذكروا عنه أيضا أنه قال : العمرة من الحجّ كالزكاة من الصلاة. ذكر داود بن حصين عن ابن
__________________
(١) كذا في د ، وفي ق وع : «لا يمنعنّكم ذلك نفقة في حقّ خيفة القتل». وفي تفسير الطبري : ج ٣ ص ٥٨٥ : «قال : تمنعكم نفقة في حقّ خيفة العيلة». وأصحّ من ذلك كلّه وأوضح عبارة ما جاء في تفسير مجاهد : ٩٩ : «يقول : لا يمنعكم النفقة في حقّ خيفة العيلة». والعيلة : الفقر والحاجة ، من عال الرجل يعيل عيلا وعيلة ، وهو عائل ، إذا افتقر.
(٢) سقطت هذه الكلمة : ترك في كلّ من ق ، وع ، ود ، والصحيح إثباتها كما جاءت في تفسير الطبري ج ٣ ص ٥٨٣.
(٣) لم أجده فيما بين يديّ من كتب الحديث والتفسير. وقد روى أحمد والنسائيّ من طريق ابن عبّاس حديثا بمعناه ، وفيه : «الحجّ مرّة ، فمن زاد فهو تطوّع». وقد أورده ابن سلّام في ز ، ورقة : ٢٦ بدون سند من طريق قتادة مرسلا.