الحسن. وقال مجاهد : مشركي قريش.
قال الحسن : أخبره أنّه لا يحوّله عن الكعبة إلى غيرها أبدا ، فيحتجّ عليك محتجّون بالظلم كما احتجّ عليك مشركو العرب من قولهم لك : رغبت عن قبلة آبائك ثمّ رجعت إليها ، وأيضا والله لترجعنّ إلى دينهم ؛ فقال الله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) ، أى : لا يحتجّ بمثل تلك الحجّة إلّا الذين ظلموا.
وقال بعضهم : هم مشركو قريش يقولون : إنّهم سيحتجّون عليك بذلك. وكانت حجّتهم عليهم بانصرافه إلى البيت الحرام أنّهم قالوا : سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا ؛ فأنزل الله في ذلك هذا كلّه.
قال : (فَلا تَخْشَوْهُمْ) : في أمر الله ، أى : امضوا على ما أمركم به. (وَاخْشَوْنِي) : أى في تركه. (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٥٠) : أى : لكي تهتدوا. ويعني بالنعمة : الجنّة.
قوله : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ) : أى : ويطهّركم من الشرك (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) : الكتاب : القرآن. والحكمة : السنّة.
(وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (١٥١) (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) : [يقول : كما فعلت ذلك بكم فاذكروني بطاعتي أذكركم برحمتي] (١) (وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (١٥٢) : أى ولا تكفروني النعمة. وهذا الكفر في هذا الموضع كفر النعم.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (١٥٣) : قال بعض المفسّرين : ليعلم أنّهما عون على طاعة الله. وقال بعضهم : الصبر هاهنا الصوم. وقال بعضهم : الصبر على ما أمروا به وعمّا نهوا عنه ؛ وهو حقيقة التأويل (٢).
قوله : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) (١٥٤) : أنتم كيف تلك الحياة التي هي حياة الشهداء.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : إنّ أرواح الشهداء في حواصل طير خضر ترعى في
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٢١ ، من الفائدة إثباتها.
(٢) كأنّي بهذه الجملة الأخيرة من زيادة الشيخ الهوّاريّ وترجيحه.