فأراداها على نفسها ، فقالت : لا أمكّنكما من نفسي حتّى تشربا هذا الخمر ، وتعبدا هذا الصنم ؛ وجاءهما رجل فقتلاه مخافة أن يقول عليهما.
ذكروا عن صفوان بن سليم أنّه قال : ما نهض ملك من الأرض إلى السماء حتّى يقول : لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
ذكروا عن ابن عمر أنّه كان يقول إذا رأى الزهرة : لا مرحبا بك ولا أهلا.
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : أتدرون ما كانت تسمّى هذه الكواكب الحمراء في قومها؟ يعني الزهرة ، كانت تسمّى «بيدخت». ذكروا عن عليّ أنّه قال : كان يقال لها : «أناهيذ» (١).
قوله تعالى : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) : قال بعض المفسّرين : كان أخذ عليهما ألّا يعلّما أحدا حتّى يقولا له : (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) أى بلاء (فلا تكفر).
قال : (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) : وهو أن يؤخّذ كلّ واحد منهما عن صاحبه (٢) ، ويبغّض كلّ واحد منهما إلى صاحبه.
قوله : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) : قال الحسن : من شاء الله سلّطهم عليه ، ومن شاء منعهم منه. وقال بعضهم : إلّا بأمر الله. قوله : (وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ) : أى : لمن استحبّه ، أى اختاره على التوراة (٣) (ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ).
__________________
(١) قصة هاروت وماروت والزهرة رواها كثير من المفسّرين باختلاف في بعضها. وأغلبها ـ إن لم أقل كلّها ـ أباطيل من القول وزور. ومن أحسن ما قيل فيها ما كتبه ابن كثير تعليقا عليها إذ قال : «وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل ، إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متّصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى. وظاهر سياق القرآن إجمال القصّة من غير بسط ولا إطناب. فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى ، والله أعلم بحقيقة الحال». انظر تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢٤٨.
(٢) كذا : «يؤخّذ كلّ واحد منهما عن صاحبه» وهو صحيح. و «التأخيذ أن تحتال المرأة بحيل في منع زوجها من جماع غيرها ، وذلك نوع من السحر». ومنه الأخذة : رقية كالسحر. انظر اللسان (أخذ).
(٣) كذا في ق وع ود : «اختاره على التوراة» ، أى : اختار السحر على ما في التوراة.