بعض المفسّرين : غضب على غضب : غضب عليهم بكفرهم بالإنجيل ، وغضب عليهم بكفرهم بالقرآن.
وقال الكلبيّ : تفسير (اشتروا به أنفسهم) يعني أحبارهم أن جحدوا نبيّ الله مخافة أن تذهب مأكلتهم ، فباعوا أنفسهم بما يصيبون فأهلكوا أنفسهم فصاروا في النار.
قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ) : أى بما بعده. كفرت اليهود بالإنجيل وبالقرآن. قال الله : (وَهُوَ الْحَقُّ) : يعني القرآن (مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ) : أى التوراة والإنجيل ، موافقا للذي في كتبهم. قالوا : فإنّك لم تأتنا بمثل الذي أتى به نبيّنا. ولم يكن لنا نبىّ إلّا يأتينا بقربان تأكله النار. وكان أعداء الله يتولّون آباءهم الذين قتلوا أنبياء الله من قبل ، فلذلك يقول : (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٩١) : قال الحسن : يعني به أوّليهم : يقول إن كانوا يؤمنون بما أنزل الله عليهم فليس فيما أنزل الله عليهم قتل أنبيائهم ، فكذّبهم الله في قولهم : (نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا).
قوله : (وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ) : يعني أوّليهم (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) (٩٢) : قد فسّرنا أمر العجل قبل هذا الموضع (١).
قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) : وقد فسّرناه قبل هذا الموضع (٢).
قوله : (وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا) : سمعنا ما تقول ، وعصينا أمرك. (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) : قال الحسن : ليس كلّهم تاب وقبل ذلك : فمن لم يتب فهم الذين بقى حبّ العجل في قلوبهم ، وهم الذين قال الله فيهم : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ...) [الأعراف : ١٥٢].
قوله : (قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٩٣) : أى لو كان الإيمان في قلوبكم لحجزكم عن عبادة العجل. يقول : (قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ) أن تعبدوا العجل. وهو مثل قوله : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) [الأنفال :
__________________
(١) انظر ما سلف : تفسير الآية ٥٤.
(٢) انظر ما سلف : تفسير الآية ٥٤.