وقال الحسن : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو آمن بي وصدّقني واتّبعني عشرة من اليهود لم يبق على ظهرها يهوديّ إلّا اتّبعني (١). قال كعب : اثنا عشر من اليهود ، ومصداق ذلك في كتاب الله : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) [المائدة : ١٢].
وقال بعض المفسّرين : لا نعلم أحدا من اليهود أسلم على عهد النبىّ إلّا رجل واحد. والحسن يذكر آخر ، ولا ندري من هو.
وقال بعض المفسّرين في قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) (٥٢) [القصص : ٥٢] ذكروا عن رفاعة القرظي في قوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) (٥٢) قال : نزلت في عشرة من اليهود ، أنا أحدهم. وذكر بعضهم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : لو آمن بي واتّبعني وصدّقني عشرة من اليهود ... بعد ما أسلم الرجلان اللذان ذكر بعض أهل التفسير ، فيكونون تمام اثني عشر كما قال كعب ، والله أعلم.
قوله : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) : أى القرآن (مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) : أى : التوراة والإنجيل (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) : والاستفتاح الدعاء (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) (٨٩) : قال بعض المفسّرين : كانت اليهود تستنصر بمحمّد صلىاللهعليهوسلم على كفّار العرب. كانوا يقولون : اللهمّ ائت بهذا النبيّ الذي يقتل العرب ويذلّهم. فلمّا رأوا أنّه من غيرهم حسدوه وكفروا به. قال الله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ).
قوله : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ) : أى : باعوا به (أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً) : كفروا به حسدا (أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) : أى : استوجبوا غضبا على غضب (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) (٩٠) : قال
__________________
ـ ويكفرون بما سواه ؛ بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم فيكونون كافرين». انظر معاني الفرّاء ، ج ١ ، ص ٥٩ ـ ٦٠ ، وتفسير الطبري ج ٢ ، ص ٣٢٩ ـ ٣٣١.
(١) أخرجه البخاري في باب إتيان اليهود النبيّ صلىاللهعليهوسلم حين قدم المدينة عن أبي هريرة بلفظ : «لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود». وبلفظ آخر ورد في سير أعلام النبلاء للذهبي ج ٢ ص ٤٤٦ : «لو آمن بي عشرة من أحبار يهود لآمن بي كلّ يهوديّ في الأرض».