٣٥] وأشباه ذلك يقول : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فإنّ إيمانكم لا يأمركم بعبادة العجل. ثمّ رجع إليهم لقولهم : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١١١] ، ولقولهم : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) [البقرة : ٨٠] فقال :
(قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٩٤) : أى أنّكم من أهل الجنّة حتّى تدخلوا الجنّة بزعمكم. قال : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) : أى : بما أسلفوا من الأعمال الخبيثة ، لأنّهم يعلمون أنّهم معذّبون ، يعني به الخاصّة الذين جحدوا وكفروا حسدا وبغيا من بعد ما تبيّن لهم. (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٩٥).
قال : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) : قال الحسن : يعني مشركي العرب. و [قال ابن عبّاس : (الذين أشركوا) هم المجوس ، وذلك أنّ المجوس كانوا يلقون الملك بالتحيّة في النّيروز والمهرجان (١) فيقولون له : عش أيّها الملك ألف سنة كلّها مثل يومك هذا] (٢). وذكر سعيد بن جبير عن ابن عبّاس : [هو قول أحدهم إذا عطس : «زه هزار سال»] (٣).
قال : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) : أى : وما عمره بمزحزحه ، أى بمنجيه (٤) من العذاب (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) (٩٦).
قوله : (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ) : قال الحسن : إنّ اليهود قالوا : إنّ جبريل لا يأتينا إلّا بالشتم والذمّ ، وإنّما يفعل ذلك لعداوة بيننا وبينه ، وميكائيل ليّن ؛ فعادوا جبريل. فأنزل الله : (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ ، نَزَّلَهُ ، عَلى قَلْبِكَ) ، أى نزّل القرآن الذي فيه شتم اليهود وعيبهم بإذن الله (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) : أى من كتب
__________________
(١) المهرجان ، ضبطت الكلمة في مخطوطة ز بفتح الميم ، ووجدتها في معجم بكسر الميم ، وهو عيد الفرس.
(٢) رأيت من الأحسن إثبات قول ابن عبّاس في النصّ لأنّه لابن سلّام لا لابن أبي زمنين. والزيادة من مخطوطة زورقة ١٤.
(٣) لم تبيّن المخطوطات ق ع د قول ابن عبّاس الذي رواه سعيد بن جبير. وقد أورده الطبريّ في تفسيره ج ٢ ص ٣٧٣ فرأيت من المناسب زيادته هنا لأن السياق يتطلّبه. ومعنى الكلمات الفارسيّة هو : عش ألف سنة.
(٤) كذا في ق وع ود : «بمنجيه» وفي ز : «بمباعده» ، وفي تفسير الطبري ج ٢ ص ٣٧٥ : «بمنحيه».