مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١١١]. تقول اليهود : نحن الذين يدخلون الجنّة. وقالت النصارى : نحن الذين يدخلون الجنّة. وتمنّوا أيضا (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) [البقرة : ٨٠].
وقال بعضهم : (إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (٧٨) : يقول : لا يعلمون الكتاب ولا يدرون ما فيه إلّا أماني ، يتمنّون على الله ما ليس لهم ، ويظنّون الظنون بغير الحقّ.
قوله : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً). قال الكلبي : هم أحبار اليهود وعلماؤهم ، عمدوا إلى نعت النبي عليهالسلام في كتابهم ، فزادوا فيه ونقصوا منه ، ثم أخرجوه إلى سفلتهم فقالوا : هذا نعت النبي الذي يبعثه الله في آخر الزمان ، ليس كنعت هذا الرجل. فلما نظر السفلة إلى محمد صلىاللهعليهوسلم لم يروا فيه النعت الذي في كتابهم الذي كتبت أحبارهم. وكانت للأحبار مأكلة ، فقال الله : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي : تلك المأكلة (فَوَيْلٌ لَهُمْ) في الآخرة (مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) (٧٩).
(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) : قال بعض المفسّرين : قالت اليهود : لن يدخلنا الله النار إلّا تحلّة القسم ، عدد الأيّام التي عبدنا فيها العجل ، فإذا انقضت عنّا تلك الأيّام انقطع عنّا العذاب والشرّ.
قال الله للنبيّ عليهالسلام : (قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٨٠) : أى : إنّكم لم تتّخذوا عند الله عهدا وإنّكم لتقولون على الله ما لا تعلمون.
وقوله : (أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً) ، يعني التوحيد (١) وهو مثل قوله : (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) [سورة ن : ٣٩]. وتفسير ذلك في سورة ن.
ذكروا عن عبادة بن الصامت قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : خمس صلوات كتبهنّ الله على عباده ، من جاء بهنّ تامّة فإنّ له عند الله عهدا أن يدخله الجنّة. وإن لم يجئ بهنّ تامّة فليس له
__________________
(١) يعني هل قلتم لا إله إلّا الله ولم تشركوا ولم تكفروا فتتّخذوا بذلك عهدا عند الله. وهذا رأي لابن عبّاس رواه عنه الضحّاك ، مذكور في تفسير الطبري ج ١ ص ٢٧٩.