عند الله عهد ، إن شاء عذّبه وإن شاء رحمه (١).
وتفسير مجاهد : (أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً) أى : موثقا بأنّه كما تقولون : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً). وقال الكلبيّ : إنّ اليهود زعمت أنّهم يعذّبون أربعين يوما عدد أيّام العجل الذي عبدوه فيها. فقال الله : (قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ). قال : فإذا أدخلهم الله النار عذّبهم عدد تلك الأيّام لكلّ يوم سنة ، فتلك أربعون سنة ، ثمّ يقال لهم : يا أعداء الله ، هذه الأيّام قد مضت والأجل الذي قلتم وبقي الأبد ، لا تخرجون منها أبدا؟ فعند ذلك انقطع الرجاء ، وأيقنوا بالخلود في النار ، وقيل لهم : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) : يعني الشرك (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) : ثمّ مات ولم يتب منه (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٨٢) أى لا يموتون ولا يخرجون منها أبد الأبد. عن الحسن قال : (بلى من كسب سيّئة) سيّئة الشرك. وأمّا قوله : (قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً) ، إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له (٢).
قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) : قال الحسن : تأمرونهم بما أمرهم الله به ، وتنهونهم عمّا نهاهم الله عنه. قال : قال لهم نبيّهم أمروهم أن يقولوا إن محمّدا رسول الله.
قوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) : أى كفرتم وجحدتم (إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ) : القليل الذين اتّبعوا النبىّ. (وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) (٨٣) : عمّا جاء به النبىّ ، جاحدون له (٣).
وقوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ
__________________
(١) كذا في ق : «رحمه» وفي ع ود : «غفر له» وفي رواية : «أدخله الجنّة». والحديث صحيح أخرجه أحمد وأبو داود والنسائيّ والبيهقيّ في السنن ، وابن حبّان والحاكم في مستدركه. وأخرجه الربيع بن حبيب في مسنده ج ١ ص ٥٢ (رقم ١٨٩) بألفاظ مماثلة ، إلّا أنّه جاء في آخره : «ومن نقص من حقّهنّ شيئا فله عند الله عهد أن يدخله النار».
(٢) كذا وردت هذه الجملة في المخطوطات الثلاث ، وهي عود على الآية السابقة ويبدو فيها اضطراب ، ولعلّ فيها خرما ، ولم أجد في ز ما يعين على توضيح المقصود.
(٣) كذا في د : «النبيّ» ، وفي ق وع : «النبيّون».