فسّرنا قول الكلبيّ فيها قبل هذا الموضع. وقول الحسن أحبّ إليّ ، والله أعلم.
قوله : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) : وهم اليهود (وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) : أى بما بيّن الله لكم في كتابكم من بعث محمّد عليهالسلام. (لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٧٦) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) (٧٧) : ف (ما يسرّون) : ممّا قال اليهود بعضهم لبعض ، (وما يعلنون) : إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنّا. وقال بعضهم : ما يسرّون كفرهم بمحمّد وهم يجدونه مكتوبا عندهم.
وقال مجاهد : هذا حين شتمهم النبيّ وقال : يا إخوة القردة والخنازير (١) قالوا : من حدّثه بهذا؟.
قال الكلبيّ : (قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) في كتابكم من أمر نبيّهم ثمّ لا تتّبعونهم ولا تدخلون في دينهم؟ فهذه حجّة لهم عليكم ليحاجّوكم بها عند ربّكم. قالوا وهم يتلاومون : (أَفَلا تَعْقِلُونَ)؟!. يقول الله لنبيّه : (أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ). وهذا قول علمائهم ، وهم الذين كتموا وكذبوا فاتّبعتهم السوقة.
يقول الله : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ) : أى : إلّا أحاديث لا يعلمون إلّا ما حدّثوا (٢). (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (٧٨) أى : هم على غير يقين ، أى : إن صدقت قرّاؤهم صدقوا ، وإن كذبت قرّاؤهم كذبوا.
وقال الحسن : (إِلَّا أَمانِيَ) أى : إلّا أن يتمنّوا فيه الكذب من قولهم : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا
__________________
ـ الحسن : يعني كتاب الله التوراة (ثمّ يحرّفونه من بعد ما عقلوه) حرّفوا ما في التوراة من صفة محمّد صلىاللهعليهوسلم ودينه».
(١) قال السيوطي في الدرّ المنثور ج ١ ص ٨١ : «أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : قام النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوم قريظة تحت حصونهم فقال : يا إخوان القردة والخنازير ، ويا عبدة الطاغوت ، فقالوا : من أخبر هذا محمّدا؟ ما خرج هذا الأمر إلّا منكم. انظر سيرة ابن هشام ج ٣ ص ٢٣٤ ، ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٥٠٠.
(٢) كذا في ق وع ود ، «إلّا ما حدّثوا». وفي ز : «ما يحدّثهم به قرّاؤهم به فيقبلونه».