تَعْقِلُونَ) (٧٣) : أى لكي تعقلوا.
قال بعضهم : (يُرِيكُمْ ، آياتِهِ) : أى : عبرة. وذكروا عن ابن عبّاس في قوله : (اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) أى : بعضدها. وقال مجاهد : بفخذها. ففعلوا ، فقام فأخبرهم بقاتله ، ثمّ مات.
قوله : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) : «أو» في هذا الموضع بل ، أى : بل هي أشدّ قسوة. وهو كقوله : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (١٤٧) [الصافات : ١٤٧] أى : بل يزيدون. ثمّ قال : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) : واللام هاهنا صلة (١) أى : من عيونها ما يكثر ماؤه. (وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ) يعني ما يتشقّق فيخرج منه الماء حتّى تجري منه الأنهار ، ومن عيونها ما يقلّ ماؤه. (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) : واللام هاهنا صلة.
قال الحسن : يعني سجودها. إنّ الجبل يسجد لله ويسبّح ، وإذا قطع منه شيء فالذي قطع لا يسجد ولا يسبّح (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٧٤) (٢).
وقال بعضهم : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ، أى : من بعد ما أراهم الله من إحياء الموتى ومن أمر العجائب فقست قلوبهم من بعد ذلك ؛ فعذر الحجارة ولم يعذر شقيّ ابن آدم فقال : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ ...) إلى آخر الآية. (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
قوله : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) : يقول للنبيّ صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين أفتطمعون أن يصدّقوكم ، يعني به جماعة اليهود ، وقد قال : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) [البقرة : ١٤٥] ، يعنى به جماعتهم ، لأنّ الخاصّة قد تتّبع قبلته. (وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٥) : قال الحسن : التوراة ، حرّفوا كلام الله في محمّد والإسلام (٣) ، يجعلونها قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا. وقد
__________________
(١) كذا في المخطوطات الثلاث : «صلة» أى زائدة في اصطلاح قدماء النحاة. والحقّ أنّها ليست كذلك ، فهي لام الابتداء ، وتسمّى اللام المزحلقة ، وتفيد توكيد مضمون الجملة. أمّا إذا قصد المؤلّف بوصفها صلة كونها غير عاملة فنعم. انظر ابن هشام ، مغني اللبيب ج ١ ص ٢٢٨.
(٢) قال مجاهد : «كلّ حجر يتفجّر منه الماء ، أو يشقّ عن ماء ، أو يهبط من جبل ، فمن خشية الله عزوجل» نزل بذلك القرآن. انظر تفسير مجاهد : ٨٠ ، ومخطوطة ابن أبي زمنين ز : ورقة ١٢.
(٣) كذا في ق وع : «في محمد والإسلام» ، وفي د : «في محمّد عليهالسلام» .. وفي ز جاءت العبارة كالتالي : «قال ـ