قال بعض المفسّرين : لّما أنزل الله عليهم المنّ والسلوى في التيه ملّوه ، وذكروا عيشا كان لهم بمصر ، فقال الله : (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ)؟!. كان قد ظلّل عليهم الغمام وأنزل عليهم المنّ والسلوى فطلبوا الذي هو أدنى ممّا هم فيه. والفوم الحبّ الذي يختبزه الناس (١).
قوله : (اهْبِطُوا مِصْراً) : يعني مصرا من الأمصار. وتفسير الكلبي : اهبطوا مصر ، بغير ألف ، يعني مصر بعينها (فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ) : إن رجعتم إلى مصر ، فكرهوا ذلك. وهي عند الحسن مصر هذه.
قوله : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) : يعني بالذلّة الجزية يستذلّون بها. (وَالْمَسْكَنَةُ) : ينبئك اليهوديّ أنّه مسكين. (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) : يعني استوجبوا غضبا من الله. (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) : يقول : بدين الله. وقال بعضهم : كان خروجهم إلى مصر هذه بأمر الله (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (٦١).
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) : يعني تهوّدوا (وَالنَّصارى) : يعني تنصّروا. وقال في آية أخرى : (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) [المائدة : ١٤] وإنّما سمّوا نصارى لأنّهم كانوا بقرية تسمّى ناصرة (٢) ، في تفسير بعضهم (وَالصَّابِئِينَ) : هم قوم يقرأون الزبور ويعبدون الملائكة. وقال مجاهد : قوم بين اليهود والمجوس ، لا دين لهم. قوله : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : يعني الجنّة عند ربّهم (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) : أى في الآخرة (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦٢) : أى على الدنيا. يعني من آمن بمحمّد صلىاللهعليهوسلم وعمل بشرائعه. والإيمان بمحمّد أنّه رسول الله إيمان بالله.
__________________
(١) وفسّره بعضهم بأنّه الثوم ، وهي في قراءة عبد الله بن مسعود بهذا اللفظ ، أى بالثاء. قال الفرّاء في معاني القرآن ج ١ ص ٤١ : «فكأنّه أشبه المعنيين بالصواب ؛ لأنّه مع ما يشاكله من العدس والبصل وشبهه. والعرب تبدل الفاء بالثاء فيقولون : جدث وجدف ، ووقعوا في عاثور شرّ ، وعافور شرّ ، والأثاثي والأثافي ، وسمعت كثيرا من بني أسد يسمّي المغافير المغاثير».
(٢) قال ياقوت الحموىّ في معجم البلدان ج ٥ ص ٢٥١ مايلي : «الناصرة ، فاعلة من النصر : قرية بينها وبين طبريّة ثلاثة عشر ميلا ، فيها كان مولد المسيح عيسى بن مريم عليهالسلام ، ومنه اشتقّ اسم النصارى».