وأشرف به عليهم. فدخلوا الباب سجّدا على خوف وأعينهم إلى الجبل ، فرفع عنهم.
وقال الكلبيّ : لّما فصلت بنو إسرائيل من أرض التيه ودخلوا العمران ، وكانوا بجبال أريحا من الأردن قيل لهم : (ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً). وكانت بنو إسرائيل قد أخطأوا خطيئة ، فأحبّ الله أن يستنقذهم منها إن تابوا ، فقيل لهم : إذا انتهيتم إلى باب القرية فاسجدوا ، وقولوا حطّة تحطّ عنكم خطاياكم ، وسنزيد المحسنين الذين لم يكونوا من أهل تلك الخطايا إحسانا إلى إحسانهم. فأمّا المحسنون ففعلوا ما أمروا به ، وأمّا الذين ظلموا فبدّلوا قولا غير الذي قيل لهم فقالوا : حطتا سمقتا بالسريانيّة : أى : حنطة حمراء ، استهزاء وتبديلا لقول الله. قوله : (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) أى : من كان محسنا زيد في إحسانه ، ومن كان مخطئا غفرت له خطيئته.
قوله : (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) : كان (١) هذا وهم في البرّيّة ، فاشتكوا إلى موسى الظمأ فسقوا من جبل الطور (٢) ، أى : من حجر كان موسى عليهالسلام يحمله معه ؛ فكانوا إذا نزلوا ضربه موسى بعصاه ، (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) أى : لكلّ سبط منهم عين مستفيض ماؤها (٣). وقال الحسن : كانت عصا اعترضها من الشجر.
قوله : (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٦٠) : قال بعض المفسّرين : ولا تسيروا في الأرض مفسدين. وقال الحسن : لا تكونوا في الأرض مفسدين.
قوله : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) : يعني ب (بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) : المنّ والسلوى.
__________________
(١) في ق وع ود : «قال هذا» ، وهو خطأ.
(٢) كذا في ق وع ود : «فسقوا من جبل الطور». وفي تفسير الطبري ج ٢ ص ١٢٠ : «فأمروا بحجر طوري ـ أى من الطور ـ أن يضربه موسى بعصاه ...». والقول لقتادة.
(٣) في ق وع : «مستقيد ماؤها» وفيه تصحيف. وفي د : «قد علم كل سبط منهم عينا يرد ماءها».