أبواب بيت المقدس (وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) (٥٨) : فازدحموا على أوراكهم خلافا لأمر الله.
وقال الحسن : رفع لهم باب ، فأمروا أن يسجدوا لله ، يضعوا جباههم ويقولوا حطّة ، وهو كقولك : احطط عنّا خطايانا. وإنّما ارتفعت لأنّها حكاية (١) ، قال : قولوا : كذا وكذا. قال الحسن : فدخلوا وقد حرّفوا وجوههم ، ولم يسجدوا وقالوا : حنطة. وقال بعضهم : بل قالوا حبّة شعيرة.
قال الله : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً) : [أي : عذابا] (٢) (مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٥٩) : قال بعضهم : بلغنا أنّ ذلك العذاب كان الطاعون ، فمات منهم سبعون ألفا.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : الطاعون بقيّة رجز وعذاب عذّب به من كان قبلكم ، فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها ، وإن وقع بأرض ولستم فيها فلا تقدموا عليها. وذكروا عن النبيّ عليهالسلام أنّه قال : الطاعون رجز أرسل من قبلكم على بني إسرائيل ، فإذا وقع بأرض فلا تخرجوا فرارا منه ، وإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوا عليه (٣).
وتفسير مجاهد : أمر موسى قومه أن يدخلوا سجّدا ويقولوا حطّة ، وطؤطئ لهم الباب (٤) ليخفضوا رءوسهم فلم يسجدوا ، وقالوا حنطة ، فنتق فوقهم الجبل ، أى : قطع ؛ فجعل فوقهم ،
__________________
(١) قلّما يتعرّض المؤلّف إلى وجوه الإعراب في تفسيره. وذهب هنا في رفع «حطّة» مذهب أبي عبيدة في مجاز القرآن ج ١ ص ٤١ ، على الحكاية. وذهب آخرون إلى النصب ، وبه قرأ بعض القرّاء ، على أنّها مقول القول. والجمهور على أنّها بالرفع على الوجه الأوّل ، أى : على أنّها خبر لمبتدأ محذوف ، أى : هي حطّة ، أو «مسألتنا حطّة» كما قدّرها ابن أبي زمنين في المخطوطة ز ورقة : ١٠ ، والزجّاج في إعراب القرآن ج ١ ص ١٧٢ ، وابن الأنباري في البيان في إعراب غريب القرآن ج ١ ص ٨٢. وانظر معاني الفرّاء ج ١ ص ٣٨.
(٢) زيادة من ز.
(٣) حديث صحيح متّفق عليه. أخرجه البخاري في أبواب منها في كتاب الطبّ ، باب ما يذكر في الطاعون.
وأخرجه مسلم في كتاب السّلام ، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها (٢٢١٨). وأخرجه مالك في الموطّأ في كتاب الجامع ، باب ما جاء في الطاعون. كلّهم عن أسامة بن زيد ، وعن عبد الرحمن بن عوف مختصرا. وأخرجه يحيى بن سلّام عن سعد بن مالك ، حسبما ذكره ابن أبي زمنين في المخطوطة ورقة : ١٠.
(٤) في المخطوطات الثلاث : «الجبل» ، وهو خطأ صوابه ما أثبته «الباب». وانظر تفسير الطبري ، ج ٢ ص ١١٤.