الاستصحاب ، حيث إنّه ليس علما أصلا ، لا عقليا ولا عقلائيّا ، فلا يكون الشّكّ في البقاء طريقا وأمارة وعلما تعبّدا ، فضلا عن أن يكون علما عاديا عقلائيّا ؛ ولذا تقدّم الأمارات على الاصول حتّى الاستصحاب.
ومن هذا البيان ـ أيضا ـ يظهر ضعف ما التزمه بعض الأعاظم قدسسره في مواضع من كلامه :
أحدها : الالتزام بأنّ المجعول في باب الاستصحاب ـ أيضا ـ هو الطّريقيّة واعتبار غير العالم عالما بالتّعبّد ، وأنّ الاستصحاب ـ أيضا ـ من الأمارات وهذا لا ينافي تقديم الأمارات عليه ؛ إذ كونه منها لا يقتضي أن يكون في عرضها ، كيف وأنّ الأمارات بعضها مقدّم على بعض ، فالبيّنة مقدّمة على اليد ، وحكم الحاكم مقدّم على البيّنة ، والإقرار مقدّم على حكم الحاكم.
ثانيها : الالتزام بأنّ العلم التّعبّديّ تابع لدليل التّعبّد وهو مختصّ بالملزوم دون لازمه.
ثالثها : الالتزام بأنّ دلالة أدلّة حجّيّة الخبر على حجّيّته حتّى بالنّسبة إلى اللّازم ، غير مسلّم ؛ إذ الأدلّة تدلّ على حجّيّة الخبر ، والخبر إنّما هو من العناوين القصديّة ، فلا يكون الإخبار عن شيء إخبارا عن لازمه ، إلّا إذا كان اللّازم لازما بالمعنى الأخصّ وهو الّذي لا ينفكّ عن تصوّر الملزوم ، أو كان لازما بالمعنى الأعمّ مع كون المخبر ملتفتا إلى الملازمة ؛ وذلك ، نظير ما إذا أخبر أحد عن ملاقاة يد زيد للماء القليل ـ مثلا ـ مع فرض كونه كافرا في الواقع والمخبر عن الملاقاة منكر لكفره ، فهو مخبر عن الملزوم وهو الملاقاة ولا يكون مخبرا عن اللّازم وهو نجاسة الماء.