الطّهارة في الطّرف المسبوق بها ، يعارض جريان قاعدة الطّهارة في الطّرف غير المسبوق بها ، فيسقطان ، وحينئذ يجري قاعدة الطّهارة في الطّرف المسبوق ـ بلا معارضة ـ بناء على الاقتضاء ، وأمّا بناء على العلّيّة التّامّة ، فلا يجري الأصل رأسا حتّى يصل الدّور إلى المعارضة وجريان قاعدة الطّهارة.
هذا تمام الكلام في المقام الأوّل (ثبوت التّكليف بالعلم الإجماليّ).
وأمّا المقام الثّاني (سقوط التّكليف بالامتثال الإجماليّ ، بمعنى : هل يكفي الامتثال بالعلم الإجماليّ في فراغ الذّمّة مع التّمكّن من الامتثال التّفصيليّ والعلم به تفصيلا ، أم لا؟).
فنقول : أمّا بناء على عدم التّمكّن من الامتثال التّفصيليّ ، فلا شبهة ولا كلام في كفاية الامتثال الإجماليّ مطلقا ، سواء كان في الامور التّعبّديّة أو التّوصّليّة ، وسواء كان في الشّبهات المقرونة بالعلم الإجماليّ أو غير المقرونة به ، وسواء كان في الشّبهات الحكميّة ـ قبل الفحص أو بعده ـ أو الموضوعيّة.
والسّر فيه : عدم طريق آخر غير الامتثال الإجماليّ.
وأمّا بناء على التّمكّن من الامتثال التّفصيلي ، فيقع الكلام فيه تارة في التّوصّليّات ، واخرى في التّعبّديّات.
أمّا التّوصّليّات ، فلا شبهة ولا كلام ـ أيضا ـ في كفاية الامتثال الإجماليّ فيها ؛ إذ ليس الغرض فيها إلّا حصول المأمور به ومجرّد وجوده بأيّ وجه اتّفق ، ومعه يسقط الأمر والتّكليف قطعا مطلقا ، سواء كان ذلك الأمر التّوصّليّ من قبيل الدّفن ، نظير دفن الميّتين فيما إذا اشتبه المسلم منهما بالكافر ، أو كان من قبيل الدّين ، نظير