قال : والذي يغلب على الظن أنه عليه الصلاة والسلام أخبر بأعاجيب تكون بعده من الفتن ، حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميراً !
قال : ولو أراد غير هذا لقال : يكون اثنا عشر أميراً يفعلون كذا ، فلما أعراهم من الخبر ، عرفنا أنه أراد أنهم يكونون في زمن واحد . انتهى ( أي كلام ابن بطال ) . وهو كلام من لم يقف على شئ من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة ، وقد عرفت من الروايات التي ذكرتها من عند مسلم وغيره أنه ذكر الصفة التي تختص بولايتهم ، وهو كون الإسلام عزيزاً منيعاً .
وفي الرواية الأخرى صفة أخرى وهو أن كلهم يجتمع عليه الناس ، كما وقع عند أبي داود ، فإنه أخرج هذا الحديث من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن جابر بن سمرة بلفظ : لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة . وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن الأسود بن سعيد عن جابر بن سمرة بلفظ : لا تضرهم عداوة من عاداهم .
وقد لخص القاضي عياض ذلك فقال : توجه على هذا العدد سؤالان :
أحدهما : أنه يعارضه ظاهر قوله في حديث سفينة ، يعني الذي أخرجه أصحاب السنن وصححه بن حبان وغيره : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً . الثلاثون سنة لم يكن فيها إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن بن علي .
والثاني : أنه ولي الخلافة أكثر من هذا العدد .
قال والجواب عن الأول : أنه أراد في حديث سفينة : خلافة النبوة ، ولم يقيده في حديث جابر بن سمرة بذلك .
وعن الثاني : أنه لم يقل لا يلي إلا اثنا عشر ، وإنما قال يكون اثنا عشر ، وقد ولي هذا العدد ، ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم .
قال : وهذا إن جعل اللفظ واقعاً على كل من ولي ، وإلا فيحتمل أن يكون المراد من يستحق الخلافة من أئمة العدل ، وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة ، ولا بد من تمام العدة قبل قيام الساعة .