إن وكل واحدة من هذه الحوادث تصلح أن تكون موضوعاً لرسالة دكتوراه .. ولكنا أردنا منها التمهيد لتفسير آية ( سَأَلَ سَائِلٌ ) في مطلع سورة المعارج .
وإذا أردت أن تعرف الأبطال الحقيقيين لهذه الحوادث ، والأدمغة المخططة لها .. فابحث عن قريش !!
وإذا أردت أن تفهم أكثر وتتعمق أكثر ، فابحث .. عن علاقة قريش باليهود !! فاعجب من ذلك ، وافهم كيف عصم الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوآله من أن ترتد قريش في حياته ، وتعلن كفرها بنبوته !
ولكنه لم يعصمه من أذاها ومؤامراتها .. فذلك هو طريق الأنبياء عليهمالسلام وتكاليفه .. لا تغيير فيها !
استنفار قريش بعد الغدير
تحركت قافلة النبوة والإمامة من غدير خمٍ نحو المدينة .. وسكن قلب النبي صلىاللهعليهوآله واطمأن .. ولكن قريشاً لم تسكن ، بل صارت في حالة غليانٍ من الغيظ !
هكذا تقول الأحاديث ، ومنطق الأحداث .. فقريش لا تسكت حتى ترى العذاب الأليم ! وقد قال لهم الصادق الأمين الذي لا ينطق إلا وحياً صلىاللهعليهوآله : لا أراكم منتهين يا معشر قريش !!
إن آية العصمة من الناس كما قدمنا ، لا تعني أن الله تعالى جعل الطريق أمام رسوله صلىاللهعليهوآله ناعماً كالحرير ، ولا أنه جعل له قريشاً فرساً ريِّضاً طائعاً ..
إن قدرته تعالى لا يمتنع منها شئ .. ولكنه أراد للأمور أن تجري بأسبابها ، وللأمة أن تجري عليها سنن الأمم الماضية ، فتمتحن بإطاعة نبيها من بعده ، أو معصيته ..
وهذا يستوجب أن تبقى لها القدرة على معصيته .. أما على الردة في حياته وفي وجهه .. فلا .
إن قدرتها تصل الى حد قولها لنبيها صلىاللهعليهوآله : لا نريد وصيتك ولا سنتك ولا عترتك ، حسبنا كتاب الله !!