فنزل الوحي مدافعاً عن هذه القبائل المقدسة ، ورد عدوانية نبيها !!
ولا يتسع المجال للإفاضة في هذا الموضوع ، ولكن القارئ السني يجد نفسه متحيراً بين ولاء المفسرين لقريش كمجاهد الذي يسمح بكون قتل بعض فراعنتها كالنضر عذاباً لها ، وبين ولاء المحدثين لقريش كالبخاري الذي يقول إن قتل النضر وأبي جهل ليس هو العذاب الالهي ، فهؤلاء قومٌ برزوا الى مضاجعهم ، فقد رفع الله عذابه عن قريش ، ووبخ رسوله ، لأنه دعا عليها !!
* *
وأخيراً يمكن للباحث أن يستدل لنصرة رأي المفسرين القائل بأن العذاب السورة يشمل العذاب الدنيوي ، بما رواه ابن سعد في الطبقات ، من قصة اختلاف طلحة والزبير وابنيهما على إمامة الصلاة في معسكر عائشة في حرب الجمل ، قال :
ولما قدموا البصرة أخذوا بيت المال ، وختماه جميعاً طلحة والزبير ، وحضرت الصلاة فتدافع طلحة والزبير حتى كادت الصلاة تفوت ، ثم اصطلحا على أن يصلي عبد الله بن الزبير صلاةً ومحمد بن طلحة صلاةً ، فذهب ابن الزبير يتقدم فأخره محمد بن طلحة ، وذهب محمد بن طلحة يتقدم فأخره عبد الله بن الزبير عن أول صلاة !! فاقترعا فقرعه محمد بن طلحة ، فتقدم فقرأ : سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ !! انتهى . فقد فهم محمد بن طلحة القرشي التيمي من السورة أنها تهديدٌ بعذاب دنيوي ولذلك هدد بها ابن الزبير . وهو دليلٌ على أن الإرتكاز الذهني عند الصحابة المعاصرين للنزول ، أن العذاب في السورة يشمل العذاب الدنيوي أيضاً .
المسألة الرابعة : موقف السنيين من الحديث
ولكن الذين ذكروا الحديث من السنيين ليس موقفهم منه واحداً ، فمنهم من قبله ورجحه على غيره كأبي عبيد والثعلبي والحمويني ، ومنهم من نقله بصيغة : روي أو قيل . ومنهم من رجح غيره عليه ، ولكن أحداً منهم لم يطعن فيه .. وأقل موقفهم منه أنه حديثٌ موجودٌ ، قد يكون سنده صحيحاً ، ولكن غيره أرجح منه ، كما سترى .