القول الأول
أنها نزلت في أول البعثة ، حيث خاف النبي صلىاللهعليهوآله على نفسه فامتنع عن تبليغ الاسلام ، أو تباطأ ! فهدده الله تعالى وطمأنه .. فقام النبي صلىاللهعليهوآله بالتبليغ !
وهذا يعني أن الآية نزلت قبل ٢٣ سنة من نزول سورة المائدة !
وقد ذكر الشافعي هذا التفسير بصيغة ( يقال ) مما يدل على أنه غير مطمئن اليه قال في كتاب الأم : ٤ / ١٦٨ :
قال الشافعي رحمهالله : ويقال والله تعالى أعلم : إن أول ما أنزل الله عليه : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، ثم أنزل عليه بعدها ما لم يؤمر فيه بأن يدعو إليه المشركين ، فمرت لذلك مدة . ثم يقال : أتاه جبريل عليهالسلام عن الله عز وجل بأن يعلمهم نزول الوحي عليه ويدعوهم الى الإيمان به فكبر ذلك عليه وخاف التكذيب وأن يتناول ، فنزل عليه : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فقال يعصمك من قتلهم أن يقتلوك حين تبلغ ما أنزل إليك ما أمر به ، فاستهزأ به قوم فنزل عليه : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ . انتهى .
ويكفي للرد على هذا القول :
أولاً ، أن الآية في سورة المائدة ، وقد عرفت أنها آخر ما نزل من القرآن أو على الأقل من آخر ما نزل ، بينما يدعي هذا القول أن الآية من أوائل ما نزل !!
وثانياً ، أن الشافعي قد ضعف هذا الوجه ، لأنه نقله بصيغة يقال ويقال ، ولم ينسبه الى النبي صلىاللهعليهوآله ، بل لم يتبناه .
وثالثاً ، أنه لا يمكن قبول هذه التهمة السيئة للنبي صلىاللهعليهوآله بأنه تلكأ أو امتنع عن تبليغ رسالات ربه ، بسبب خوفه من التكذيب والأذى والقتل ، حتى جاءه التهديد الإلۤهي بالعذاب ، والتأمين من الأذى ، فتحرك وبلغ !!
فهذا التصور لا يناسب شخصية المسلم العادي ، فضلاً عن النبي المعصوم صلىاللهعليهوآله الذي هو أعظم الناس إيماناً وشجاعةً .