ونتيجة هذا المنطق : أن آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ليست آخر آية ، ولا سورتها آخر سورة ، ولا معناها أكملت لكم الفرائض والأحكام ، بل أكملت لكم فتح مكة !
وأن معنى ( الْيَوْمَ ) في الآية ليس يوم نزول الآية ، بل قبل سنتين من حجة الوداع !
وسوف تعرف أن الخليفة عمر أقر في جواب اليهودي بأن معنى اليوم في الآية : يوم نزولها ، وليس يوم فتح مكة ! بل قال القرطبي إن اليوم هنا بمعنى الساعة التي نزلت فيها الآية ، كما سيأتي .
نص الآية الكريمة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّـهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ، وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ، وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ، وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ .
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ، وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ، ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ المائدة ٢ ـ ٣
* *
آية إكمال الدين واللحوم المحرمة
أول ما يواجه الباحث في آية إكمال الدين غرابة مكانها في القرآن ، فظاهر ما رواه المحدثون والمفسرون عنها ، أنها نزلت في حجة الوداع آية مستقلة لا جزء آية .. ثم يجدها في القرآن جزءً من آية اللحوم المحرمة ، وكأنها حشرت حشراً في وسطها ، بحيث لو رفعنا آية إكمال الدين منها لما نقص من معناها شئ ، بل لاتصل السياق !!