قلت : (يوسف) : عجمى ، وفى سينه ثلاث لغات : الضم ـ وهو الأشهر ـ والفتح ، والكسر.
يقول الحق جل جلاله : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ) أي : فى قصصهم (آياتٌ) ؛ دلائل قدرة الله وحكمته ، وعلامة نبوتك ، حيث أخبرت بها من غير تعلم. ففى ذلك آيات (لِلسَّائِلِينَ) أي : لمن سأل عن قصتهم. والمراد بإخوته : علاته العشرة ، والعلات : أبناء أمهات لأب واحد ، فكانوا إخوته لأبيه ، وهم : يهوذا ، وروبيل ، وشمعون ، ولاوى ، وريالون ، ويشجر ، ودنية من بنت خالته ليّا ، تزوجها يعقوب أولا ، فلما توفيت تزوج راحيل ، فولدت له بنيامين ، ويوسف. وقيل : جمع بينهما ، ولم يكن الجمع حينئذ محرما. وأربعة آخرون من سريتين ، وهم : دان ، وتفثالى ، وجاد ، وآشر.
(إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ) بنيامين ، وخص بالإضافة ؛ لأنه شقيقه ، (أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) أي : والحال أنا جماعة أقوياء ، فنحن أحق بالمحبة ؛ لأنهما لا كفاءة فيهما. والعصبة : العشرة ففوق. (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ) ؛ خطأ (مُبِينٍ) ؛ ظاهر ؛ لتفضيل المفضول. روى أنه كان أحب إليه ؛ لما كان يرى فيه من مخايل الخير ، وكان إخوته يحسدونه ، فلما رأى الرؤيا ضاعف له المحبة ، بحيث لم يصبر عنه ، فتناهى حسدهم حتى حملهم على التعرض لقتله. وهكذا شأن الحسد يبلغ بصاحبه أمرا عظيما.
الإشارة : كان يعقوب عليهالسلام لا يفارق يوسف ليلا ولا نهارا. وهكذا شأن المحبين. وأنشدوا :
ولى كبد يسرى إليهم سلامه |
|
بجمر تلظّى ، والفؤاد ضرامه |
وأجفان عين لا تملّ من البكا |
|
وصبّ تشكّى للحبيب غرامه |
فأنتم سرورى ، أنتم غاية المنى |
|
وقلبى إليكم والغرام زمامه |
فو الله ما أحببت ما عشت غيركم |
|
لأن اشتياقى لا يحل اكتتامه. ه. |
قال الجنيد ، رضى الله عنه : رأيت غلاما حسن الوجه يعنف كهلا حسنا ، فقلت : يا غلام ، لم تفعل هذا؟ قال : لأنه يدعى أنه يهوانى ، ومنذ ثلاث ما رآنى ، قال : فوقعت مغشيا على ، فلما أفقت ما قدرت على النهوض ، فقيل لى فى ذلك ، فقلت : ينبغى للمحب ألا يفارق باب محبوبه على أي حال. وأنشدوا :
لازم الباب إن عشقت الجمالا |
|
واهجر النّوم إن أردت الوصالا |
واجعل الروح منك أوّل نقد |
|
لحبيب أنواره تتلالا |