عليك بقل ، وإن ، وما ، إنى ، فى هود |
|
وكأين ، ما يفتح ، ولئن ؛ مكملا |
وإنما أشار رضى الله عنه إلى معنى الآيات لا إلى لفظها ؛ لأنها كلها تدل على النظر لسابق القدر ، والتوكل على الواحد القهار.
الأمر الثاني : تحقق العبد برأفته ـ تعالى ـ ورحمته ، وأنه لا يفعل به إلا ما هو فى غاية الكمال فى حقه ، إن كان جمالا فيقتضى منه الشكر ، وإن كان جلالا فيقتضى منه الصبر ، وفيه غاية التقريب والتطهير وطى المسافة بينك وبين الحبيب. وفى الحكم : «خير أوقاتك وقت تشهد فيه وجود فاقتك ، وتردّ فيه إلى وجود ذلتك ، إن أردت بسط المواهب عليك فصحح الفقر والفاقة لديك ، الفاقة أعياد المريدين». إلى غير ذلك من كلامه فى هذا المعنى.
الأمر الثالث : تحققه بخالص التوحيد ؛ فإذا علم أن الفاعل هو الله ولا فاعل سواه ؛ رضى بفعل حبيبه ، كيفما كان ، كما قال ابن الفارض رضى الله عنه :
أحبّاى أنتم ، أحسن الدّهر أم أسا |
|
فكونوا كما شئتم أنا ذلك الخلّ |
وكما قال صاحب العينية :
تلدّ لى الآلام إذ كنت مسقمى |
|
وإن تختبرني فهى عندى صنائع |
تحكّم بما تهواه فىّ فإنّنى |
|
فقير لسلطان المحبّة طائع |
فهذه الأمور الثلاثة ، إذا تفكر فيها العبد دام حبوره وسروره ، وسهلت عليه شئونه وأموره.
وقوله تعالى : (قل هل تربصون بنا ...) الآية ، مثله يقول أهل النسبة لأهل الإنكار : هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنين ، إما حسن الخدام بالموت على غاية الإسلام ، يموت المرء على ما عاش عليه ، وإما الظفر بمعرفة الملك العلام على غاية الكمال والتمام ، ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعقوبة من عنده ؛ بسبب إذايتكم ، أو بدعوة من عندنا إذا أذن لنا. وبالله التوفيق.
ثمّ (١) ذكر سبب إبطال عملهم وصدقاتهم ، فقال :
(وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤))
__________________
(١) تفسير قوله تعالى : (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ..) الآية ٥٣ ، لا يوجد فى النسخ الخطية التي بين أيدينا.