الإشارة : الناس ثلاثة : عوام ، وخواص ، وخواص الخواص. فالعوام : هم الذين لا شيخ لهم يصلح للتربية. والخواص : هم الذين صحبوا شيخ التربية ، ولم ينهضوا إلى مقام التجريد. وخواص الخواص : هم الذين صحبوا شيخ التربية وتجردوا ظاهرا وباطنا ، خربوا ظواهرهم ، وعمّروا بواطنهم ، وهم الذين خاضوا بحار التوحيد ، وذاقوا أسرار التفريد. وهم الذين أشار المجذوب الى مقامهم بقوله :
يا قارئين علم التوحيد |
|
هنا البحور إلىّ تغبى |
هذا مقام أهل التجريد |
|
الواقفين مع ربى |
فأهل التجريد ، كالمهاجرين والأنصار ، وأهل الأسباب من أهل النسبة ، كمن لم يهاجر من الصحابة ، ومن تجرد بعد ودخل معهم ، التحق بهم. قال تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) ، ومن لا نسبة له كمن لا صحبة له ، وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق. وصلّى الله على سيدنا ومولانا محمد ، وآله وصحبه ، وسلّم تسليما ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين (١).
__________________
(١) كتب فى آخر المجلد الأول من النسخة الأصلية : هذا آخر السفر الأول من (البحر المديد فى تفسير القرآن المجيد) ، ووافق الفراغ من تبييضه سادس عشر من جمادى الأولى ، سنة ست عشر ومائتين وألف ، يتلوه سورة التوبة بحول الله وقوته.
انتهى ، بحوله وقوته ، عشية يوم استخراجه من مبيضته ؛ الجمعة ثالث وعشرين من جمادى الأولى ، أيضا ، من تلك السنة المذكورة قبل. ونسأله الإعانة على التمام ، بجاه النبي ـ عليهالسلام ـ صلى الله عليه ـ على مر الليالى والأيام.