بالعهد إذا عاهدوا منهم دون جاره أو من يعرفه من غير بلده ، إلّا أن الزنى عندهم غير مستنكر. ومدينتهم كثيرة [١٧٣ أ] الخير غزيرة المياه والبساتين ولهم ضروب من الفاكهة عجيبة لا تعرف في بلد الإسلام.
ومنهم مدينة يقال لها كيساه (١) تقرب من بلد الخزر فأهلها يعزون على الخزر ، وهم من شر خلق الله ، إذا دخل الغريب مدينتهم نكحوه. وإذا وجدوا رجلا مع غلام جعلوا الغلام له أبدا. وفي بلدهم ضرب من الحيوان يأكل الناس يكون في قدر الكلب إلّا أنه شديد الضراوة على الناس قلّ من يفلت منه إذا نظر إليه سريع الخطو يسبق الخيل المضمرة. ولهم نبيذ أبيض طيب الرائحة والطعم. يأكلون الميتة والدم مثل السباع. قليلة رحمتهم ، لئام الظفر قباح الوجوه قصار الأجسام.
ومن مدنهم مدينة يقال لها داني (٢) رجالها طوال ونساؤها قصار ومدينتهم
__________________
(١) ذكرها ابن سعيد (ص ١٩٦) على أنها تقع غربي مدينة اذكشية التي ذكرت أعلاه وقال : «مدينة الكسا : وهم جنس من الترك تنصروا وتمدنوا وموضوعها على البحر.
ويبدو أن كلام المؤرخ المتأخر بدر الدين العيني (٧٦٢ ـ ٨٥٥ ه) : «ومن طائفة الترك : الجراكسة. وأصلهم أربع قبائل وهم : جركس ـ ويقال لهم سركس ـ ، وأركس ، والآص ، وكسا». (السيف المهند ص ٢٦) حيث أن أركس ـ وربما هي مصحفة من قبل الناسخ عن (ادكس) أو (اذكش) ـ وكسا ، يعني المدينتين أعلاه.
(٢) إن تحديد موقع هذه المدينة بكونها بين الخزر والروم يجعلنا نرجح أنها من مدن البجناكية. قال الاصطخري في مسالك الممالك ص ١٠ «وقد انقطع طائفة من الأتراك عن بلادهم فصاروا بين الخزر والروم يقال لهم البجناكية وليس موضعهم بدار لهم على قديم الأيام وإنما انتابوها فغلبوا عليها».
وقال المروزي في طبائع الحيوان (٢٠ ـ ٢١) «والبجناكية قوم سيارة يتبعون مواقع القطر والكلأ. وطول أرض بجناك مسيرة ثلاثين يوما في ثلاثين يوما. قد أحاط بهم من كل جهة أمم كثيرة. ففي ناحية الشمال منهم : بلاد خفجاق ، وفي ناحية الجنوب في المغرب : بلاد الخزر. ومن ناحية المشرق : بلاد الغزّية. ومن ناحية الجنوب : بلاد الصقالبة. وهذه الأمم يغزون البجناكية والبجناكية تغزوهم».
وينطبق الكلام الذي قاله المروزي مع ما هو موجود لدى گرديزي ص ٥٧٩ إلّا أن هذا قال : ـ