وقدّر شوارعها ، فلم تكن في الإحكام والاستواء مثل شوارع الجانب الغربي.
وقال يحيى بن الحسين : كان بناء المهدي كله بالرهوص إلّا ما كان يسكنه هو. وكذلك كان بناء موسى الهادي بعده. وكان استتمام بناء المهدي الرصافة والجامع سنة تسع وخمسين ومائة.
وخرج المنصور بعد قدوم المهدي من الري بشهور إلى البردان ليعرض الجند ويسقط من لم يكن من أهل خراسان ، فأحكم ما أراد من ذلك وعاد إلى بغداد [٣٤ ب].
وقال عيسى بن المنصور (١) : وجدت في بعض خزائن أبي مبلغ النفقة على مدينة السلام والمسجد الجامع وقصر الذهب والأسواق والفصلان والخنادق والقباب والأبواب ، فكان جميع ذلك أربعة آلاف ألف وثمانمائة وثلاثة وثمانون درهما ، يكون من الفلوس مائة ألف وثلاثة وعشرين ألف فليس. وذلك أن الأستاذ من البنائين كان يعمل يومه بقيراط [إلى خمس حبّات](٢) والروزجاري بحبتين إلى ثلاث حبّات.
وقال أبو سهل بن نوبخت عند جده نوبخت (٣) قال : أمرني المنصور لما أراد بناء بغداد بأخذ الطالع ففعلت ، فإذا الطالع الشمس وهي في القوس. فخبرته بما تدل النجوم عليه من طول بقائها وكثرة عمارتها وفقر الناس إلى ما فيها. ثم قلت : وخلّة أخرى أسرك بها يا أمير المؤمنين. قال : وما هي؟ قلت : نجد في أدلة النجوم أنه لا يموت فيها خليفة أبدا حتف أنفه. قال : فتبسّم ثم قال : الحمد لله ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. ولذلك يقول الشاعر :
أعاينت في طول من الأرض والعرض |
|
كبغداد من دار بها مسكن الخفض |
__________________
(١) الطبري ٧ : ٦٥٥ والمبلغ هناك هو ٤٠٠٠٨٣٨ درهما.
(٢) تكلمة من معجم البلدان (بغداد).
(٣) قال ابن العبري ص ٢١٦ (وكان نوبخت المنجّم الفارسي يصحب المنصور ، وكان فاضلا حاذقا خبيرا باقتران الكواكب وحوادثها).