المنهج ، واستحوذ عليها الشيطان ، وفي كلّ قوم صالح وطالح فأما أهل البصرة فهم أكثر أموالا وأولادا ، وأطوع للسلطان ، وأعرف برسوم الإسلام.
قال ابن عيّاش : نحن أعلم بالفتوح منكم ، نحن نفينا كسرى عن البلاد وأبرنا جنوده وأبحنا ملكه وفتحنا الأقاليم ، وإنما البصرة من العراق بمنزلة المثانة من الجسد ، ينتهي إليها الماء بعد تغييره وفساده ، مضغوطة قبل ظهرها بأخشن أحجار الحجاز وأقلّها خيرا ، مضغوطة من فوقها ببطيحتها ، وإن كانوا يستعذبون ماءهم ، ولولا ذلك ما انتفعوا بالعيش ، ومضغوطة بالبحر الأخضر من أسفلها ونحن قلّلناهم على وجه المعزاء ، وبعثنا إليهم من جندنا ما كان منه قوامهم ، وإنما أهل البصرة بمنزلة الرسل لنا ، ومحلّ الكوفة محلّ اللهوات واللسان من الجسد ، وموضعها على صدور الأرضين ينتهي إليها الماء ببرده وعذوبته ، ويتفرق في بلادنا ويجوز بالعذبة الزكيّة الفرات ودجلة ، والبصرة من العراق بمنزلة المثانة من الجسد.
قال أبو بكر : أنتم مع ما وصفت أكثر أنبياء وما لنا إلّا نبي واحد وهو محمّد صلّى الله عليه وعامّة أنبيائكم الحاكة.
فضحك أبو العبّاس حتى كاد يسقط عن السرير ثم قال : لله درّك يا أبا بكر.
فقال أبو بكر : وما رأيت الأنبياء مصلوبين إلّا ببلاد الكوفة.
فقال ابن عيّاش : عيّرت أهل الكوفة بثلاثة مجانين من السفلة ادّعوا النبوّة بالجنون ، فصلبهم الله بالكوفة ، فمن يعيّر به أهل البصرة من المدّعين للعقول والشرف والروايات للحديث كثيرا ، وكلّهم يزعم أنه يهدي نفسه ويضلّها ، والمتنبّئ بالجنون أيسر خطبا من ادّعاء الصحيح هدى نفسه وضلالها ، فلقد ادّعوا الربوبيّة في قول بعضهم.
فقال أبو العبّاس : هذه بتلك أو أشدّ يا أبا بكر ، فاعترض عليهم بعض العلويّة وهو الحسن بن زيد فقال : يا أبا بكر ما قاتلتم عليّا يوم الجمل؟ فقال : بلى ، قاتله شرذمة ، وكفّ الله عزّ وجلّ أيدينا وسلاحنا عن قتله نظرا منه لنا ، ثم