وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً) فجعل الكرم أصلا للجنّتين والنخل من الزوائد ، وقال : (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ) وقال : (أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) فالجنّات حدائق الكرم وقال : (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً) فجعل النخل في ترتيب من الخلق والكرم في مكانه من التقدّم وقال : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ) فهل يعرش من الشجر شيء غير الكرم والجنّة المؤنقة مقصور عليه ، والمعروشة المرفوعة العيدان على الخشب والقصب وهي في الفراديس. واحدها فردوس ، والحصرم أرفع من البلح ، والوكاب أطيب من البسر ، والعنب ألذّ من الرّطب ، والعجد أقلّ غوائل من التمر ، والخمر أنفع من النبيذ ، وخلّ الخمر أثقف وأحسن من خلّ الدقل ، والطلاء فوق الدّوشاب ، والحبلة سيّدة النخلة ، لأن الحبلة خير ونفع كلّها ، والنخلة شرّ وعرّ وكذلك قال بعض المحدثين :
النّخل عبد وهذا الكرم سيّده |
|
ومن يقايس بين التّمر والعنب |
وذكر أبو إسحاق أنه رأى بمدينة صنعاء عنبا يقال له المختّم ، فوزن منه حبّة فوجدها أكثر من أربعة أساتير ، والأستار أربعة دراهم ، وحمل بعض عمّال الرشيد باليمن إليه في بعض ما حجّ عنقودين في محملين على بعير ، وقد يحمّل من جبال أرمينية وآذربيجان أخونة عظيمة جدّا يكون دور بعضها عشرين شبرا من خشب الكرمة. قالوا : وأطيب العنب الجرشيّ ، وهو دقيق وله عناقيد تكون ذراعا ، ومنه عيون البقر وهو عنب أسود عظام الحبّ ، ومنه السّكّر عنب صادق الحلاوة ، ومنه أطراف العذارى عنب أسود كأنه بلّوط عنقوده نحو الذراع ، ومنه الضّروع عنب أبيض كبار الحبّ قليل الماء عظيم العناقيد ، ومنه الكلافيّ منسوب إلى كلاف بلد في شقّ اليمن ، ومنه الدّواليّ عنب أسود غير حالك ، وهل نحن وإن أطنبنا في ذكر العنب ، وأسهبنا في نعت منافعه ومناقبه فمعطوه ما له ، أو بالغون به استحقاقه ، وموفّوه ما هو له من الخصال المحمودة والخلال المرضيّة ، ومن طيب الطعم وشدّة الحلاوة ، وكثرة الماء ، وعموم النفع ووفور الجسم ، وصغر العجم ، وكثرة