فمطويّ عنه في
القرآن شرحه ، وإنّما جملة الأمر أنّ الله رفعه إليه ، فافهم وسيجيء الأخبار
المتعلّقة بهذا الباب.
قوله سبحانه : (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)
الآية هي العلامة
التي يستدلّ بها على الشيء ، وقد كثر استعماله في كلامه تعالى فيما يستدلّ به عليه
تعالى بنحو من الأنحاء ، وإن كانت ربما استعملت في غيره ، كقوله : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً
تَعْبَثُونَ).
والتي يستدلّ بها
عليه تعالى :
منها : ما هو على العادة الجارية ، كالسماء والأرض والشمس
والقمر والسحاب والريح وغير ذلك ، وقد عدّ الله سبحانه جميع ذلك آية يستدلّ بها من
حيث أصناف الصفات المشهودة فيها على توحيده وعلمه وقدرته وسائر صفاته الكماليّة ،
وعلى ما أنبأ به أنبياؤه بالغيب ، كالبعث والنشور ونحو ذلك.
ومنها : ما يدلّ على أمر خاصّ وحادث مخصوص غير ثابت الوجود ولا
دائمة ، وبالضرورة يكون خارقا للعادة غير جار عليها ، إذ لو انطبق على العادة
الجارية لم يدلّ إلّا على معنى ثابت الوجود ودائمه ، وذلك كإحياء الموتى وإبراء
الأكمه والأبرص وخلق الطير ، وقد حكى سبحانه هذا القسم عن كثير من أنبيائه ورسله ،
إذ سئلوا عن ذلك ، ليستدلّوا بذلك على صدق ما يدّعونه من الرسالة ،
__________________