(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ، (١) وقال : (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً). (٢) فلم ينف عنهم العزّة ، وإنّما خصّ به نفسه بالذات ، وقال : (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) ، (٣) وقال : (وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ). (٤)
والملك والعزّة وإن كانا جميعا خيرا ، لكن ليس إعطاء الخير خيرا على الإطلاق ، وإن كان من اللازم كونه خيرا بوجه ، كأن يكون بالقياس إلى نظام الكلّ خيرا.
إذا تبيّن هذا ، بان أنّ قوله : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ) على ظاهر إطلاقه وشموله لكلّ ملك وعزّة ، ولا يلزم من ذلك إكرام كلّ ذي ملك ، ولا ذي عزّ بما اوتي من الملك والعزّ إلّا فيما حمده الله سبحانه ، فكون الشيء في نفسه نعمة وكرامة معنى ، وكونه نعمة بالقياس إلى من اوتيه معنى آخر ، كما قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) ، (٥) وقال تعالى : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) ، (٦) فعدّ الملك والعزّة في الآية على إطلاقهما خيرا لا يوجب منقبة لكلّ متقلّد بهما ، وقد علّل ذلك بالقدرة العامّة في قوله : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وبما مرّ يتبيّن معنى ما في الكافي عن عبد الأعلى مولى آل سام ، عن
__________________
(١). المنافقون (٦٣) : ٨.
(٢). النساء (٤) : ١٣٩.
(٣). البقرة (٢) : ٢٠٦.
(٤). الشعراء (٢٦) : ٤٤.
(٥). إبراهيم (١٤) : ٢٨.
(٦). الواقعة (٥٦) : ٨٢.