في الرحم ، حرّك الرجل للجماع وأوحى إلى الرحم أن افتحي بابك حتّى يلج فيك خلقي وقضائي النافذ وقدري ، فتفتح الرحم بابها ، فتصل النطفة إلى الرحم ، فتردّد فيه أربعين يوما ، ثمّ تصير علقة أربعين يوما ، ثمّ تصير مضغة أربعين يوما ، ثمّ تصير لحما تجري فيه عروق مشتبكة.
ثمّ يبعث الله ملكين خلّاقين يخلقان في الأرحام ما يشاء الله ، فيقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة فيصلان إلى الرحم وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، فينفخان فيها روح الحياة والبقاء ، ويشقّان له السمع والبصر وجميع الجوارح ، وجميع ما في البطن بإذن الله تعالى.
ثمّ يوحي الله إلى الملكين : اكتبا عليه قضائي وقدري ونافذ أمري ، واشترطا لي البداء فيما تكتبان. فيقولان : يا ربّ ، ما نكتب؟ فيوحي الله عزوجل إليهما أن ارفعا رؤوسكما إلى رأس امّه ، فيرفعان رؤوسهما فإذا اللوح يقرع جبهة امّه ، فينظران فيه فيجدان في اللوح صورته وزينته وأجله وميثاقه ، سعيدا أو شقيّا ، وجميع شأنه. قال : فيملي أحدهما على صاحبه ، فيكتبان جميع ما في اللوح ويشترطان البداء فيما يكتبان ، ثمّ يختمان الكتاب ويجعلانه بين عينيه ، ثمّ يقيمانه قائما في بطن امّه. قال : فربّما عتا فانقلب. ولا يكون ذلك إلّا في كلّ عات أو مارد ، وإذا بلغ أوان خروج الولد تامّا أو غير تامّ ، أوحى الله عزوجل إلى الرحم أن افتحي بابك حتّى يخرج خلقي إلى أرضي وينفذ فيه أمري ، فقد بلغ أوان خروجه. قال : فتفتح الرحم باب الولد ، فيبعث الله عزوجل إليه ملكا يقال له زاجر ، فيزجره زجرة فيفزع منها الولد فينقلب فيصير رجلاه فوق رأسه ورأسه في أسفل البطن ليسهّل الله على المرأة وعلى الولد الخروج. قال : فإذا احتبس ، زجره الملك زجرة اخرى فيفزع منها فيسقط الولد إلى الأرض باكيا