لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً)(١) فان المستفاد من الآيتين الشريفتين انّ العبد إذا فعل فعلا يكون سبب فعله ارادته وارادة الله ولتوضيح الأمر نمثل مثالا آخر وهو أنه لو كان شخص معلقا في مكان في طرفه اليمين جملة من المأكولات المفيدة للمزاج وفي يساره جملة من المأكولات المضرة وكان حبل مشدودا ببدنه ولكن زمام اختياره بيد شخص آخر بحيث في كل يمكنه أن يجره ويمنعه عمّا يريده فنسأل أن الشخص المربوط بالحبل هل يكون مختارا في الأكل أو مجبورا لا اشكال في أنه إذا أكل من الطرف الأيمن أو الأيسر يكون مختارا ولكن مع الوصف يكون اختياره بيد ذلك الشخص الثاني فالحق انه لا جبر ويكون الفعل الصادر من العبد باختياره وارادته والوجدان أصدق شاهد عليه :
اين كه گوئى اين كنم يا آن كنم |
|
اين دليل اختيار است اى صنم |
والحق أيضا ان الممكن كائنا ما كان في كل آن ولحظة يحتاج الى الواجب ولا يعقل غنائه عنه والّا يلزم الخلف المحال وإن شئت فقل انّ اضافة الواجب الى الممكن اضافة اشراقية الى المضاف اليه عين الفقر لا شيء له الفقر ومثاله في الممكن اضافة الانسان الى الصورة الحاصلة في النفس فان قوام تلك الصورة بتوجه المتصور بحيث اذا غفل في آن لا تبقى تلك الصورة :
اگر نازى كند برهم فرو ريزند قالبها.
ولتوضيح المراد والمرام ننبّه على نكتة مفيدة للمقام ولما يأتي عن قريب ان شاء الله تعالى وهو ان صدق عنوان المشتق على الذات متوقف على واجديّة ذلك الذات لمبدإ ذلك المشتق والّا يكون الصدق مستحيلا فاذا كان الذات غير المبدأ لا بد أن يكون واجدا له ويمكن أن يكون خاليا عنه فعند خلوه لا يصدق عليه وأما اذا كان
__________________
(١) الكهف : ٢٣ و ٢٤.