أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٠) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ (٤٤) وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥))
البيان : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) قد قضت مشيئة الله تعالى في خلقة الانسان ذلك. واقتضت انه حين يغفل قلبه عن ذكر الله يجد الشيطان طريقه اليه. فيلزمه ويصبح له قرين سوء يوسوس له. ويزين له السوء. وهذا الشرط وجوابه هنا في الاية يعبران عن هذه المشيئة الكلية الثابتة. التي تتحقق معها النتيجة .. بمجرد تحقق السبب ـ والعشى كلال البصر عن الرؤية ـ مثل رؤية الضوء القوي ـ ووظيفة قرناء السوء من الشياطين أن يصدوا قرناءهم عن سبيل الخير وعن ذكر الله بينما هم يتظاهرون لمن يريدون اغواءه ـ بانهم مهتدون ـ
(وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) وهذا أسوأ ما يصنعه قرين السوء بقرينه. ثم يتابعه حتى لا يدعه يفيق. أو يتبين الامر حتى يتضح له ما أضله به قرين السوء. والتعبير بالفعل المضارع (ليصدونهم) (ويحسبون) يصور العملية قائمة باستمرار. ومعروضة للانظار يراها الاخرون. ولا يراها الضالون الواقعون في شرك الشيطان.
(حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) فبئس القرين).
هكذا ينتقل في ومضة من هذه الدنيا الى الاخرة. ويطوي شريط الحياة الفانية. ويصل الى الدائمة فجأة من غير انتظار ولا انذار. هنا يفيقون كما يفيق المخمور. ويفتحون عيونهم بعد العشى والاعراض.