وينظر الواحد منهم الى قرين السوء. الذي زين له الضلال والعصيان لخالقه ومولاه وأوهمه انه الهدى. وقاده في طريق الهلاك والدمار. وهو يلوح له بالفوز والسلامة. وعندئذ ينظر اليه في حنق شديد فيقول له : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) ويعقب القرآن المجيد. على حكاية قول القرين الهالك لمن خدعه وأغواه (فبئس القرين) ونسمع كلمة المحاسب الساحقة لهذا وذاك. عند الحساب وكشف الغطاء وظهور الواقع. (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) فالعذاب لا محيص عنه لكما معا.
(أفأنت تسمع الصم أو تعهدي العمي) وهذا المعنى يتكرر في القرآن المجيد. تسلية لرسوله العظيم واتباعه الكرام. وبيانا لطبيعة الهدى والضلال وايكال الامر الى الخالق العظيم. وهم ليسوا صما ولا عميا. ولكنهم باعراضهم الاختياري عن الهدى واتباعهم للضلال فكأنهم صيروا انفسكم كفاقد السمع والبصر. ووظيفة الرسول ص وآله ان يقول ويبين كما هي وظيفته. فمن اهتدى فلنفسه ومن أساء فلها والحساب غدا. فاذا هم عطلوا جوارحهم وطمسوا منافذ قلوبهم وضمائرهم. فما على الرسول الا البلاغ المبين.
(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) وأثبت على ما أمرت فيه وسر في طريق التبليغ. (إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فكن مطمئنا ولا يحزنك الذين لا يهتدون أمامهم الحساب. وطريقك متناسقة مع الناموس الكلي الذي يقوم عليه هذا الوجود. فهي مستقيمة معه وهي مؤدية بسالكها الى رضوان خالقه والجنة التي فيها ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين.
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) ان هذا القرآن هو ذكر لك ولقومك ودليل لكم على مصدر كل خير ورشاد وفوز وسعادة. ان