بغير اطرافها القريبة. وبذلك ينتفخ ـ كالبالون المنفوخ ـ فيأخذ اكثر من حقيقته ويستخفه الغرور بعلمه وينسى جهله للحقائق التي هي اللباب وان علمه بدونها قشور لا تصلح الا للحرق بالنار او الرمي على المزابل والقاذورات.
(وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) فلما عاينوا بأس الله تعالى. سقط عليهم البلاء وكشفت لهم الحقائق والقناع. وادركوا انهم كانوا في غرور. واعترفوا بما كانوا ينكرون وأقروا بوحدانية خالقهم العظيم وكفروا بما كانوا يشركون من دونه. ولكن بعد فوات الاوان (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ) ذلك سنة الله قد جرت على ان لا تقبل توبة تائب عند نزول العذاب او الموت. (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) وسنة الله ثابتة لا تتغير ولا يطرأ عليها التبديل. ولا تحيد عن الخط المستقيم (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ).
* * *
ـ ٤١ ـ سورة فصلت آياتها (٥٤) أربع وخمسون آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥))
البيان : سبق الحديث عن الافتتاح بالاحرف المقطعة فى سور شتى. وتكرار هذا الافتتاح (حا ميم) يتمشّى مع طريقة القرآن المجيد في تكرار الاشارة الى الحقائق التي يلمس بها القلب البشري. لأن فطرة