ثم أذا تتبعت هذه الخلايا حتى تصير أزواجا قادرة على اعادة النشأة بنطف جديدة. تسير في ذات المراحل دون انحراف. ان هذا كله لعجيب. عجيب لا ينقضي منه العجب.
ومن ثم هذه الأشارة التي تتردد في القرآن كثيرا. عن تلك الخارقة المجهولة السر. بل تلك الخوارق المجهولة الأسرار. لعل الناس يشغلون قلوبهم بتدبرها. ولعل ارواحهم تستيقظ على ايقاعها المتكرر. والى جوار هذه الاشارة هنا يعرض صورة كونية لعلم الله المحيط بكل حمل تحمله انثى في هذه الارض جميعا (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ).
والنص يتجاوز اناث الأنسان الى أناث الحيوان والطير والاسماك والزواحف والحشرات وسواها مما نعرف بعضها. ومما غاب عنا علمه. وكلها تحمل وتضع ـ بعلم خالقها العظيم ـ حتى ما يبيض منها فالبيضة حمل من نوع خاص. وهو جنين لا يتم نموه في داخل جسم الام. بل ينزل بيضة. ثم يتابع نموه خارج جسم الأم بحضانتها او ما يماثل ذلك من صناعة. حتى يصبح جنينا كاملا ثم يفقس نموه وعلم الله تعالى على كل حمل وعلى كل وضع في هذا الكون المترامي الاطراف رقيب.
وتصوير علم الله المطلق على هذا النحو العجيب ليس من طبيعة الذهن ان يتجه اليه لا في التصور ولا في التعبير. فهو بذاته دليل قاطع على وجود خالقه وعظمة صنعه وتدبيره. ودليل على ان هذا القرآن يستحيل صدوره من عند غير القدرة الالهية المحيطة بكل مخلوقاته (ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ .. إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ).
فان الخيال اذا مضى يتدبر وينتنبع جميع الاحياء في هذا الكون من شجر وطير وحيوان وانسان. وغير ذلك. على اختلاف هذه المخلوقات