في الاحجام والاشكال والانواع والاجناس والمواطن. والأزمنة. ثم يتصور أن كل فرد من أفراد هذا الحشد الهائل ـ الذي لا يمكن حصره ـ ولا يعلم حقيقته الا خالقه. الذي يعلم جميع مخلوقاته وتقلباتها يعلم ما يعمره وما ينقصه وفق قدر مقدور.
يعلم بكل جزء من كل فرد. يعمر أو ينقص من عمره. فهذه الورقة من تلك الشجرة يطول عمرها أو تذبل أو تسقط عن قريب أو بعيد. وهذه الريشة من كل طائر متى تسقط وكم تبقى. وهذا القرن من كل حيوان كم يبقى ومتى يتحطم. وهذه العين في كل أنسان كم تبقى ومتى ينطفىء نورها. هذه الشعرة من كل مخلوق كم تبقى ومتى تسقط. كل ذلك وفق تقدير معلوم لا يتغير الا بعلم خالقه. (كل ذلك في كتاب) من علم الله الشامل الدقيق. وان ذلك لا يكلف جهدا ولا عسرا.
(إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) اذا مضى الخيال يتدبر هذا ويتتبعه. ثم يتصور ما وراءه. انه لأمر عجيب عجيب. وانه لأتجاه الى حقيقة لا يتجه اليها التفكير البشري على هذا النحو. وانما هو التوجيه الالهي الخاص الى هذا الامر العجيب. والتعمر يكون بطول الاجل كما يكون بالبركة في العمر. والتوفيق انفاقه انفاقا مثمرا. واحتشاده بالمشاعر والحركات والاعمار والاثار.
وكذلك قد يكون نقص العمر بقصره في السنين. أو نزع البركة منه وأنفاقه في اللهو واللعب والكسل والبطالة والفراغ. ورب ساعة تعدل عمرا في جلب الخير والصلاح. وبما يحشد فيها من افكار ومشاعر وبما يتم فيها من أعمال واثار. ورب عمر خاويا لا حساب له في ميزان الحياة. او قد انفق في الاعمال القبيحة والجرائم والآثام فيكون قد جلب على صاحبه العذاب والخسران. والجماعات كالآحاد. والأمم والأفراد كل منها يعمر أو ينقص من عمره. والنص يشمل الجميع.