يشربه الناس منها خارج من بطونها. فهو مستخلص من الغذاء الذي تهضمه. وتمثله. فتحوله الغدد الى اللبن الى هذا السائل السائغ اللطيف. و (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ) انها لعبرة لمن له قلب حي (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) كلمة (اعْبُدُوا اللهَ) كلمة حق التي لا تتبدل. والتي عليها يقوم الوجود. وبها يشهد كل ما في الوجود. (أَفَلا تَتَّقُونَ) افلا تخافون ان يسخط عليكم الهكم الذي خلقكم وخلق لكم ما في الكون جميعا ان ينتقم منكم ويبتليكم بما لا طاقة لكم به. ولكن كبراء القوم من اصحاب المصالح وعشاق الرياسة لا يناسبهم هذا ابدا وهو مضر في مصالحهم القائمة على الظلم والعدوان والمكر والدجل واتباع هذا النبي سيذهب بكل ذلك (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) من هذه الزاوية الضيقة خدعوا قومهم واضلوهم سواء السبيل. واجمعوا على تكذيبهم لنبيهم الناصح الشفيق. لكن لمن يرشد ويعظ (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) ومثل هذا التضليل يحصل دائما في كل جيل بمعونة الاعوان الانتهازيين. (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ). عندئذ لم يجد نوح (ع) منفذا الى تلك القلوب الجامد والهمج المضللين الا أن يتوجه الى ربه وحده. يشكو اليه ما لقيه من تكذيب قومه له. ويطلب منه النصر المبين.
(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٢٦) فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (٣٠))
البيان : عند ما يتجمد الاحياء على هذا النحو. وتهم الحياة بالحركة الى الامام في طريق الكمال المرسوم وقد شاءت ارادة الله